16 سبتمبر 2025
تسجيلذكرنا أن التعصب قد أدى إلى الإيذاء البدني لبعض العلماء، وإذا كان الخطيب البغدادي – كما مر في المقال الفائت - قد نجا من القتل، فإن في التاريخ من قُتل لخلاف دون أن يناقش أو تعرف حجته، حدث هذا مع القاضي شمس الدين محمد بن يوسف الدمشقي الحنفي (924هـ) وكان قد ناب في القضاء بدمشق: "ثم ثبت عليه وعلى رجل يقال له: حسين البقسماطي أنهما رافضيان فحرقا تحت قلعة دمشق، بعد أن ربطت رقابهما وأيديهما وأرجلهما في أوتاد.. ثم أطلقت النار عليهما حتى صارا رمادا ثم ألقي رمادهما.. سئل الشيخ قطب الدين بن سلطان مفتي الحنفية عن قتلهما فقال: "لا يجوز في الشرع، بل يستتابان". وكذلك ما حدث مع الإمام الحبلي (335هـ) رحمه الله الذي قال عنه الإمام الذهبي: "الإمام الشهيد قاضي مدينة برقة، محمد بن الحبلي" لكن حين اختلف مع أبي منصور العبيدي (341هـ) في مسألة الاعتماد على الحساب الفلكي في العبادات. واستدعاه المنصور وقال له: "تنصل، وأعفو عنك، فامتنع، فأمر فعلق في الشمس إلى أن مات، وكان يستغيث العطش، فلم يسق. ثم صلبوه على خشبة" فمات على إثر خلاف فقهي سائغ. إن الالتزام بالمنهج المعتدل يجنب الساحة الدعوية كثيرا مما سبق ذكره، ويرشد المسيرة الدعوية في سير منتظم، يتفهم معه الداعية طبيعة الخلاف وبقاءه.