18 سبتمبر 2025
تسجيلتبدل برنامج سفرنا في ذلك اليوم الماطر في العاصمة النمساوية " فيينا " وتأخرنا في الوصول إلى الفندق في المدينة المقصودة " سالزبورج " والسبب رسالة SMS من هاتفي الجوال وصلت إلى السائق العربي الذي خاف من مضمونها فأغلق هاتفه طوال اليوم وتركنا هكذا دون ترتيب، رغم أن الرسالة تسبب في إرسالها الطفل "دالي" وهو ابن لأحد الأصدقاء العرب المقيمين هناك، فقد التقيته صدفة في أحد المقاهي. فراح الطفل يعبث بهاتفي المحمول دون علم مني فبعث بالرسالة غير مفهومة المضمون إلى آخر رقم كنت اتصلت به وكان للسائق الذي اتفقنا معه أنا والعائلة ليقلنا بسيارته إلى مدينتنا المقصودة فخاف من المضمون المبهم للرسالة من شخص للتو قد اتصل به وفي ظروف دولية تتوجس من كل شيء فأدخلنا جميعا في دوامة من القلق وضياع الحجوزات في بلد تعني فيه ترتيبات السفر الشيء الكثير مادياً ومعنوياً وما زلت أحمد الله أن المسألة انتهت بقفل الرجل لخط هاتفه. كنت أتذكر هذه الواقعة المزعجة والمكلفة وأنا أقرأ عن قصة المبتعث السعودي في كندا والذي استنفرت زوجته جهاز الطوارئ هناك إثر دخولها على رابط إلكتروني يتصل بهم. فقد وصلتها رسالة هاتفية من إحدى صديقاتها في الرياض وعبثاً تعاملت مع الرسالة دون فهم. فطوق المبنى الذي يسكناه وتعرض الزوج لمساءلات مزعجة لم تكن في حسبانه هو وزوجته وما كان لموظفي جهاز الطوارئ إمكانية فهمها تلقائياً فغدت تلك حادثة عالمية تناقلتها الأوساط الإعلامية وتعاملت معها الشرطة الكندية بشك كبير حسبما يستوجبه عمل أي جهاز أمني محترف. عموماً ونحن في طفرة الاتصال الحديث وتعدد وسائله وخطورتها أيضاً على الفرد والمجتمع غدت لكل منا شخصيته " الإلكترونية " الخاصة وغدت رسائله غالباً لا تمثل حقيقة واقعه الصريح ودوافعه. فنبعث للغير ما يصلنا من رسائل دون تمحيص أو دراية بالمضمون أو حتى دون أن نتكلف بمجرد التدقيق والفهم لها فهي رسائل تصلنا ونفاخر بتبادلها لمجرد التسلية رغم ما فيها أحيانا من اختراق للخصوصيات وحث على المبادرات الخاطئة والفهم غير المتناسق مع طبيعتنا وطبيعة مجتمعاتنا فكرياً وأمنياً وحتى سلوكياً. فالرسائل الإلكترونية رغم ما فيها من سهولة الإرسال وسرعة التعميم والتلقي يستحث بعض مضمونها التحشيد حول فكر معين أو استعداء لأطراف أخرى أو النقد غير المتقن وكم من الحوادث والشجارات والخصومات سببتها أمثال تلك الرسائل التي يجب أن تضبط وتقنن بفهم العامة وتعاطيهم الإيجابي مع هذه التقنية التي سهلت أمور حياتهم لا أن تكون أداة حرب ومشاحنات أو وسائل جذب لمشاكل الأفراد ومجتمعاتهم. بل أصبحت أخبار تلك الرسائل وما تتناقله فاقدة للثقة عندما استسهل الناس تداولها دون معيار للفهم والضبط الأدبي لها مما يفوت حقيقة تمرير النافع والمفيد من الرسائل ذات المضمون السليم البعيد عن الشك والمقاصد. ومع أن الكثير من المفتين الشرعيين يبطلون حجة المرسل حينما يطالب ويستحلف المرسل إليه ضرورة إعادة إرسال ما وصل إليه. عموماً هناك الآن جملة من القضايا المتعلقة بالتقنية واستخدامها للابتزاز أو لدواع أخرى مخلة بالأمن أو النيل من الآخرين وهي بالطبع من المستحدثات في عالمنا مما يستوجب الحرص والفهم معاً حين التعامل معها كما أن العموم معنيون بضبط تعاطيهم مع هذه التقنية حتى لا تجر عليهم ما لا تحمد عقباه في الدنيا والآخرة.