13 ديسمبر 2025
تسجيلتعني إظهار المُكَابِر نفسَه بأنه كبيرٌ عظيم المنزلة والمكانة، أو بمعنى التعاظم والتطاول على غيره، فالمكابر يعشق ذاته، يحركه الآنا، ويرفض الآخر باستعلاء وفوقية، وينفخ نفسه - كالبالون-، فنحن هنا مع خصلة رديئة ساقطة، يرفضها كل عاقل وكل من هو على الفطرة، ولا يتمثل بها إلا من به اعوجاج وجلافة وبلادة. فالمكابرة لا قيمة لها في واقع الناس الأسوياء الفضلاء أصحاب العز والشرف فإنهم يأنفونها. فكم في المكابرة من آفات ومساوئ ومعايب!. فهي تحجب عن الفضائل وبلوغ الخير، فقد ورد في كتاب مجموع الفوائد واقتناص الأوابد للعلامة السعدي رحمه الله "فالمكابرة في الحقيقة جنون في العقل، وكبر في النفس، وعجب وغرور أو اغترار"، ولكن... هل المكابرة رجولة؟ وهل في المكابرة قوة وغلبة؟ وهل في المكابرة إثبات وجود ومكانة؟ وهل في المكابرة مجد وسؤدد؟ وهل في المكابرة تحقيق مصالح؟ وهل في المكابرة راحة وسعادة؟ أليست هذه مكابرة ((وَإِذَا قِيلَ لَهُ اتَّقِ اللَّهَ أَخَذَتْهُ الْعِزَّةُ بِالإِثْمِ فَحَسْبُهُ جَهَنَّمُ وَلَبِئْسَ الْمِهَادُ))! وفي الحديث الشريف "الكِبْر بطر الحق، وغمط الناس". فسقوط المكابر سقوط مسألة وقت لا أكثر (فرعون سقط، وقارون سقط، والنمرود سقط، وأبو لهب سقط، وأبو جهل سقط، والوليد بن المغيرة سقط، وأمية بن خلف سقط، ومسيلمة الكذاب سقط، وابن العلقمي الخائن الغادر سقط، وكل من عاند وكابر وطغى وتجبر على خلق الله وتجاوز حدوده في الماضي أو في الحاضر والمستقبل سيسقط)، فتدارك نفسك أيها المكابر قبل فوات الأوان!. وما كان المكابر يوماً صانعاً للأحداث، إنه يسير وأمامه السراب بهذه المكابرة، فيظن أنه يظفر بكل شيء. وما نصنع بمكابر هذه حاله؟!. وإذا خليت النفوس من الفضائل والقيم فلا تنتظر منها إلا الفساد وتضييع المسؤوليات، هكذا تصنع المكابرة!. ومع ذلك... كم هو جميل أن نتحلى بالتواضع!. وكم هو جميل أن نردع هذه النفس عن المكابرة في تعاملاتنا مع الآخرين!. وكم هو جميل أن نجعل في حوارنا مساحة لتقبل الاختلاف!. وكم هو جميل الرجوع إلى جادة الصواب ومنارات الحق!. وكم هو جميل أن لا نتمادى في الأخطاء بعد ما تبين لنا الطريق!. وكم هو جميل أن نترك الجدال والمكابرة فيه "ما ضَلَّ قومٌ بعدَ هُدًى كانوا عليهِ إلَّا أوتوا الجدَلَ"!. وكم هو جميل أن نبتعد عن الإصرار على مواقف سلبية تؤذي من حولنا والمكابرة عليها!. وكم هو جميل أن تكون حركتنا في الحياة سليمة والرؤية الصحيحة!. بالله كم تصنع الأخلاق والقيم في حياة الإنسان من آثار ومحاسن وصور ومعانٍ ومباهج جميلة، آثارها تبقى بعد رحيل صاحبها!؟. "ومضة" لا تكابر فأنت اليوم فوق ترابها وغداً مغادر عنها! [email protected]