08 أكتوبر 2025
تسجيلالتحولات الجذرية في الواقع الإنساني اليوم وبعد التراكم التقني والمعرفي تحتاج من الإنسانية إلى توظيف هذا الكم الهائل من الأدوات والنظم للانتقال من الذهنية القائمة على إرث إنساني تكون في مراحل ماضية وبمعرفة ماضية وعدم قدرة البشرية على استيعاب التطورات التي استجدت وخلق واقع جديد، خاصة أن هذه التطورات حدثت على مراحل ولم تقم الكثير من المجتمعات بإدخالها بشكل جذري وكلي في تسيير مجتمعاتها، قطر تتموضع بشكل يجعلها الأقدر على تنفيذ مثل هذا الانتقال الكلي الذي يتماشى مع قدراتنا المالية وقدرة المجتمع القطري على استيعاب مثل هذه التطورات بل يباركها فستمكن المجتمع والدولة من خفض العمالة وتحسين الأداء، فليست هناك مخاوف كما في المجتمعات الأخرى التي تعاني من البطالة، ولن تجد الدولة مقاومة من قبل المنظمات العمالية كما يحدث في دول أخرى مكتظة بالعمالة، فمثل هذا التحول يحتاج استثمارات كثيفة رأس المال وقطر تملك كل ما تحتاج من رأس مال من أجل إدخال مثل هذه التطورات، خاصة أن المجتمع على مستوى تعليمي ومارس التغير وعاش على مدى عقود في دولة مرت بتحولات متتالية جعلت منه مرحباً بالتغيير ومستوعباً له. قدرة المجتمع القطري على التكيف أصبحت على مستوى عال من المرونة والاستعداد بعد الأزمات التي تجاوزها بكل اقتدار وأصبح عامل التكيف من أهم العناصر التي يملكها اليوم، وآخر هذه الأزمات الحصار الجائر الذي زود الثقافة القطرية بمخزون من الثقة بنفسه وقيادته هي الأعلى اليوم على المستوى العالمي والإنساني، لذلك قطر مهيأة لمثل هذه النقلة الإنسانية الضرورية فوباء كورونا فيروس كشف إلى أي مدى تتوافر الأدوات والتقنيات في حال وجدت إرادة للتغير والتحول، مفهوم أن بعض المجتمعات ستجد عوائق كبيرة في قبول وإنفاذ السياسات والقرارات الجريئة المطلوبة لتحقيق التقدم الإنساني، نحن في مرحلة تتطلب طرح أسئلة أساسية لا تقبل الفرضيات ولا التقاليد الإدارية أو الإجرائية، فتراكم القدرات والإمكانات التقنية والمعرفية يمكن الإنسانية من الانتقال للمستقبل، ولكن هذا المستقبل لم يرسم بعد ويحتاج طرح الأسئلة مثل ما هو دور الحكومة في خدمة الشعب وما هو دور المؤسسات من وزارات وهيئات وغيرها من الهياكل والبنى التي شيّدت في فترات زمنية لم تملك التقنيات الحديثة التي تمكن من اختصار العمليات الروتينية والبيروقراطية في لمسات على تطبيقات، ما هو دور المدرسة، ما هو دور الوزارة، ما هو دور الإعلام في زمن المنصات الاجتماعية، ما دور المصارف في زمن التقنيات المالية؟. ما تحتاجه الإنسانية هو رسم صورة لدور المؤسسات ودور الإنسان في الفترة القادمة، ما هو العمل، ما هي الإنتاجية؟ نحتاج لمفاهيم تتواءم مع التطورات العلمية والتقنية وتوظفها بشكل كلي وليس كما نرى أسلوب القطعة قطعة بل وضع تصور متكامل من التعاريف لكل مصطلح وعملية إلى تصميم العمليات أي من طاولة التصميم من صفحة بيضاء، دون الركون لمعالجات فردية، الوباء كشف إلى أي مدى تلكأت الإنسانية في إدخال الوسائل الحديثة والمتوافرة وإلى أي مدى كان هذا عائقا في قبول التطور، إنها لحظات إدراك ووعي أن الإنسانية ارتبطت بالماضي ولم تكن قادرة على التعاطي مع ما هو متوافر الآن. ومن أجل ذلك تحتاج البشرية للشجاعة والبصيرة للتخلي عن مراسي الماضي والإبحار مع ما يتوافر من أدوات ونظم تقنية، ومثل هذا العزم سينعكس على التعليم وإعداد الأجيال القادمة لوضع إنساني مختلف عن واقع اليوم.