14 سبتمبر 2025
تسجيلمن المناسبات الاحتفالية الجميلة التي يتم إحياء تراثها القديم في شهر رمضان المبارك في منطقة الخليج العربي، الاحتفال بـ "ليلة القرنقعوه أو القرقيعان" التي تصادف ليلة منتصف الشهر الفضيل، حيث كان وما زال أطفالنا يخرجون في وسط الأحياء الشعبية والأزقة لإحياء هذه المناسبة التراثية التي نفخر بها جميعاً، تعبيراً عن الفرحة بهذا الشهر وتقاليده الأصيلة. في هذه الأيام اختلف الوضع الاجتماعي مع التطور العمراني والتغير الثقافي عن السابق، فالحياة المدنية غيرت كل شيء؛ بسبب التداخل بين الشعوب واختلاط أهل الخليج بثقافات أخرى، وفدت إلينا من الخارج بهوية مختلفة عنا، ولكن رغم هذه التحديات إلا أن بعض المجتمعات الخليجية مازالت محافظة على تراث الآباء والأجداد، بالرغم من أن "ليلة القرنقعوه" لم تعد تعيش نفس الجو التراثي في السابق. والشيء نفسه يقال عن " المسحر" أو "المسحراتي" كما يطلق عليه في بعض المجتمعات العربية، حيث كان "المسحر" يطوف الأحياء الشعبية، وأمام البيوت لإيقاظ الصائمين لتناول وجبة السحور، قبل حلول وقت أذان الفجر، حيث كان يسير المسحر على قدميه برفقة "آلة الطبل" وهو يؤدي الأهازيج الدينية، في هذه الليالي دون كلل أو ملل، كما كان يؤدي المسحر هذا العمل بالمجان، وكعمل تطوعي حباً في هذه المهنة القديمة. الشيء المؤسف في الاحتفال بهاتين المناسبتين، أن العامل التجاري طغى عليهما، فالبعض يجعل من "ليلة القرنقعوه" فرصة للاستغلال والتكسب من ورائها، دون النظر للتراث الاصيل نظرة صائبة، والشيء نفسه يقال عن اندثار ظاهرة "المسحر" في مجتمعات الخليج في هذه الأيام، وإن وجد المسحر فإن الإقبال على مهنته لم يعد موجوداً، بسبب عدم اهتمام المسئؤولين في دولنا بهذا التراث وتطويره والارتقاء به، ومكافأة من يقوم بهذا الدور للحفاظ على تراثنا الأصيل.. وفي هذا المقام دعونا نشيد بالخطوة الرائدة والمتميزة للباحث والموسيقي الاخ فيصل التميمي، المهتم بالتراث القطري من خلال إحياء ليلة الختمة في نهاية رمضان، اي ختمة تلاوة القرآن الكريم، مع مزج هذه المناسبة بجو مفعم بالطقس التراثي الجميل، من خلال وجود "المسحر" ومسيرته في الأحياء الشعبية، في تلك الليلة ضمن مبادرة "وداع رمضان"، من خلال عودة "المسحر" بألحانه العذبة، التي تشرفنا بحضورها مع لفيف من المهتمين والعاشقين للتراث القطري الأصيل، برفقة الأطفال الصغار، فللأخ فيصل كل التحية والتقدير؛ على هذا الجهد والعمل التراثي المتفرد، الذي قلما نجد من يحييه، أو يهتم به في مثل هذه الأيام.** كلمة أخيرة:نتمنى من وزارات الإعلام والثقافة في دول مجلس التعاون الخليجي، إحياء هذا التراث وتوثيقه، مع إحيائه من جديد، وبالصورة القديمة التي كان عليها لنحافظ عليه من الاندثار والفناء.