14 سبتمبر 2025

تسجيل

خلافة البغدادي.. هلموا !

05 يوليو 2014

إقامة خلافة إسلامية تجتمع تحت راياتها ولايات تضم المناطق التي كانت خاضعة للإسلام في الشرق والغرب هو هدف يسعى إليه الإسلام السياسي بشتى توجهاته الفكرية مع اختلاف في الأساليب.. ومع تحقيق هذا الحلم تعود الأمة لأخذ مكانتها التي منحها إياه الله عز وجل قبل أن تُسلب منها، وهي تحقيق الأستاذية على البشرية التي تتلهف لنظم اجتماعية واقتصادية وسياسية تكون أكثر عدلا وانسجاما مع طبائع الإنسان. وهذا لن يتحقق إلا بعودة دولة الخلافة.يرى الإسلاميون أن الشقاء الذي تعاني منه المجتمعات الحديثة في الشرق والغرب وتسلط القوى الكبرى على مقدرات الشعوب وسلبها حقها في الحرية والعيش الكريم وأن تمادي قوى الظلم وتفشي الفساد والاستبداد في العالم الإسلامي يعود للابتعاد عن شرع الله وتحقيق مراده في إقامة خلافة إسلامية. وأن الأمة ستبقى مجرد غثاء سيل، يحكم فاسدها صالحها، ويعلو سافلها على شريفها، ويتسلط عليها الأعداء من كل فج، ويطمع في خيراتها وثرواتها القوي والضعيف من قوى الكفر ما لم تقم دولة الإسلام. اليوم يعلن أبو بكر البغدادي ولادة الخلافة الإسلامية، فماذا يعني ذلك؟ بإعلانه الخلافة يرى نفسه أنه أصبح إماماً لجميع المسلمين أينما كانوا، وتصبح الأرض التي أقام عليها خلافته لجميع المسلمين دون النظر إلى جنسياتهم أو أعراقهم أو لغاتهم. فلهم الحق في التمتع بخيراتها وعليهم واجب الهجرة إليها والقتال تحت راياتها ضد أي غاز لها أو معتد عليها. وهذا سيشكل معضلة لقوى الإسلام السياسي حيث لا يجوز التأخر عن مناصرة الخلافة وإعلان البيعة لها والذب عنها بالمال والسلاح واللسان لكل مقتدر وفق الأحكام الفقهية التي تتناول حق الخليفة والدولة على الرعية كما تفصل في حق الرعية على الدولة والخليفة.إعلان الخلافة على أرض ما لا يعني أن تقف حدود دولة الخلافة عند تلك الحدود بل لا بد لها من التمدد إلى أن تستعيد كل الأراضي التي كانت يوما جزءا من دولة الإسلام وأن يصبح الجهاد هو الشغل الشاغل لها وعلى رأس أولوياتها. وهناك نظرية عند تيار الجهاد العالمي أن الغزو أنفى للغزو كما القتل أنفى للقتل، فلكي يحمي الخليفة الدولة عليه أن يغزو قبل أن يغزى، وأن يعلن الحرب قبل أن تعلن عليه. والجهاد فرض عين على كل بالغ وبالغة لتمكين الدولة المولودة. وبعبارة أخرى أن الرعية مهمتها الأساسية اليوم هو النفير العام والتحول إلى مجتمع جهادي بعد أن كان الجهاد يقتصر عن خلايا وتنظيمات مؤدلجة. وهي لحظة مثالية بالنسبة لطروحات تيار الجهاد العالمي حيث بفعلته تلك يعري من يوصفهم بعلماء السلاطين ويحرج تيارات الإسلام السياسي التي تقاعست عن العمل الجهادي أو أجلته لقيام الدولة أو ادعت أن الجهاد يقتصر على إصلاح المجتمع الذي سيقيم دولته بنفسه. أما وقد أقيمت الدولة وبسطت سيطرتها على مساحة تقدر بعشرات آلاف الأضعاف من دولة المدينة التي كان يحكمها رسول الله عليه الصلاة والسلام، فلا يبقى لقاعد أو مخذل عذر عن نصرة الدولة ومؤازرتها والذب عنها بكل ما أوتي من قوة لأنها دولة الإسلام وهنا تصبح الطاعة واجبة على الأمة لأميرها وخليفة والمسلمين ما لم يأمر بإثم، ولا يجوز الخروج عليه أو الاعتراض على ولايته أو بزّها لأن بذلك سيدخل في دائرة الخوارج. ويصبح قتاله واجب.هذا يقينا ما قصد إليه البغدادي بإعلان خلافته، والمتضرر الأكبر هي "القاعدة" الأم التي أنجبت تنظيم الدولة الإسلامية، إذ لم يعد لوجودها مبرر ولا لقاداتها حق الريادة، وما أمامها إلا مبايعة البغدادي والحرب تحت رايته شأن كل حركة إسلامية في الشرق والغرب. ومن تخلف عن البيعة فقد أوجب على نفسه القتل لأنه يعتبر من الطائفة الممتنعة. ومع قيام الخلافة تزول شرعية النظم العربية والإسلامية الحاكمة اليوم، وتسقط مع سقوط مفهومي الوطنية والمواطنة، وتنتفي شرعية الولاء لغير دولة الخلافة وأميرها، ويتحقق مناط البراء ممن يخالفها أو يعاديها أو يمتنع عن بسط الطاعة لها. وهذا كما ينسحب على دول تقول إنها تحكم بشرع الله مثل السعودية فانه ينطبق على أي دولة إسلامية أخرى سواء احتكمت إلى أحكام وضعية أم لا، حكمها إسلاميون أم علمانيون مثل تركيا والسودان والمغرب وغيرها. أنها خلافة لكنها في حقيقتها مشروع إعلان حرب على الجميع. فتدبر يرحمك الله!