12 سبتمبر 2025
تسجيلقطر تؤكد امتنانها لفرنسا لدورها الكبير والنشط في البحث عن حل شكر عميق للرئيس ماكرون الذي وجه نداءات عديدة واضحة لوضع حد للحصار حالة الظلم وتغييب العدالة جعلت دولة قطر وشعبها أكثر مناعة وقوة المستقبل سيثبت أن قطر على مستوى آمال شعبها وتطلعاته دول الحصار أسيرة نزعات السيطرة والعدوان وترفض دعوات الحوار ماقامت به الدول "الشقيقة" عزز مشاعر التضامن لدى القطريين قبل عام، وتحديدا في 5 يونيو 2017، استيقظ الشعب القطري ليكتشف بأن حدوده البرية الوحيدة قد قطعت، وبأن الممرات البحرية قد أقفلت، وبأن الفضاء الجوي قد تقلص. واكتشف الشعب القطري ايضا في صباح ذاك اليوم بأن المواطنين القطريين المقيمين في الدول المجاورة قد طردوا، وبأن مواطني هذه الدول العاملين في دولة قطر قد اجبرتهم حكوماتهم على مغادرة البلاد والتخلي عن أعمالهم. في إطار استراتيجية سياسية متطرفة، اتخذت السعودية والامارات العربية المتحدة والبحرين ومصر قرارا بقطع العلاقات مع دولة قطر. إن نزعات السيطرة والعدوان لدى هذه الدول، التي أصمت اذنيها أمام دعوات الحوار والتي ترفض أي بديل عن الحصار، قد ادخلت منطقتنا في حالة من الانقسامات غير المسبوقة. ان هذه الازمة وهي الأكثر خطورة منذ عام 1990، باتت تهدد الاستقرار والأمن في المنطقة وجوارها. تسعى دول الحصار ؛العازمة على نشر نفوذها الى ابعد من منطقة الخليج؛ الى اقصاء دولة قطر من مجلس التعاون لدول الخليج العربية، الذي يعتبره بلدي اداة التوحد الضرورية لمنطقتنا. حصار الرباعي ان الشروط المفروضة لرفع الحصار؛ شروط غير واقعية، يتمثل الشرط الاكثر عبثية بالرغبة في اقفال قناة الجزيرة، وحرمان العالم العربي من وسيلة الاعلام الحرة والوحيدة. حتى إن الدعم الدولي المحدود الذي نجحت دول الحصار في العثور عليه، كان مدعاة للشكوك، وجاء في مجمله من جانب دول افريقية صغيرة، بعيدة جغرافيا، دون ان تكون مصالحها واضحة لدخول غمار هذا الخلاف. لا يستبعد بعض المراقبين قيام دول الحصار بممارسة ضغوط على تلك الدول وتهديدها بقطع معونات التنمية عنها وحرمانها من تأشيرات الدخول، كما فعلت مع دولة قطر، اذ ان مفتعلي الازمة استخدموا وزنهم وتأثيرهم كي يفرضوا على هذه الدول الالتحاق بخطهم السياسي. لقد نجحت دولة قطر بشكل لافت بعد عام على الحصار ؛ في مواجهة هذه المحنة، من خلال تنفيذ سلسلة من الاجراءات الطارئة لدعم وتنويع الاقتصاد وتطوير الصناعة الوطنية وتوسيع مجال الشراكات التجارية. مكنت هذه الإجراءات بلدي من تجنب حصول ازمة غذائية وتأمين الاكتفاء الذاتي في بعض القطاعات، التي كانت تحتاج في السابق للقيام بعمليات استيراد كبيرة، مثل تربية الدواجن وانتاج الالبان، خاصة وان 27 % من عمليات الاستيراد باتت تمر مباشرة عبر ميناء حمد، الذي تم افتتاحه بعد فترة وجيزة على بدء الحصار. صمود الاقتصاد أمام الصدمة أتاحت هذه الاجراءات الطارئة لبلدي كذلك الوفاء بالتزاماته، اذ لم تشهد صادرات دولة قطر من الغاز الطبيعي المسال أي إلغاء أو تأخير منذ بداية الازمة، فضلا عن كل ذلك، وفي ظل محاولات دول الحصار المتكررة لزعزعة النقد القطري، من المتوقع ان يسجل صافي الناتج الداخلي هذا العام نموا يوازي 2.8 %. رغم الضغوط الخارجية ستبقى دولة قطر، كما كانت، شريكا متميزا لفرنسا، اذ تم في شهر ديسمبر الماضي، خلال زيارة الرئيس ماكرون الى الدوحة، التوقيع على اتفاقات بلغت قيمتها 12 مليار يورو. لقد اكدت الدراسة الاخيرة، التي وضعها صندوق النقد الدولي، ان التداعيات الاقتصادية والمالية للحصار كانت طفيفة، الامر الذي لم يفاجئ احدا. ابعد من ذلك؛ ادى الحصار الى إحداث تحولات عميقة داخل المجتمع القطري، وساعد في منح حقوق جديدة للعمال ورجال الاعمال الاجانب، الذين يساهمون في تعزيز انفتاح مجتمعنا. وخلافا لأهداف دول الحصار المبيتة، فإن ما قامت به هذه الدول "الشقيقة" ؛ عزز مشاعر التضامن لدى القطريين، الذين وقفوا بصلابة وعزم خلف حضرة صاحب السمو الأمير وخلف قادتهم، كما عزز الوحدة الوطنية. وعلى صعيد الساحة الدولية، اتاحت مواقف دولة قطر المعتدلة والنداءات المتكررة، التي أطلقتها من اجل الحوار، الحصول على دعم الأسرة الدولية. وفي هذا السياق ؛ تؤكد دولة قطر امتنانها لفرنسا، لدورها الكبير والبناء والنشط في البحث عن حل، وتعبر عن شكرها العميق للرئيس ماكرون، الذي وجه نداءات عديدة واضحة لوضع حد للإجراءات التي تصيب أسر وطلاب المنطقة، وهي نداءات تم تبنيها من جانب مسؤولي الدول الاوروبية الشريكة ودول العالم الاخرى، فضلا عن هذا اقترحت علينا دولة حليفة اخرى المساعدة للكشف عن مصدر الاعتداء الذي تعرض له موقع وكالة الانباء القطرية ونشر معلومات كاذبة تتعلق بحضرة صاحب السمو الامير، قبل ايام على بدء الحصار. حيث ثبت ان الامارات العربية المتحدة كانت تقف خلف هذا الاعتداء، وهكذا قامت السنغال وتشاد، البلدان اللذان كانا من بين اوائل الدول التي دعمت الحصار، بالتراجع عن هذا الدعم واستأنفتا العلاقات الدبلوماسية مع دولة قطر. لقد اثبتت هذه الانتصارات بأن حالة الظلم وتغييب العدالة جعلت دولة قطر وشعبها أكثر مناعة وقوة. رغم التركيز على هذا الصمود المتميز، يجب ان لا ننسى وقوع عدد من الأسر ضحية سياسة دول الحصار الرعناء، التي تسببت بالمحنة والتي لا تزال تثقل اوضاع منطقتنا، فإلى جانب كل اصلاح اقتصادي في دولة قطر هناك طالب أجبر على قطع دراساته في هذه الدول دون أي تأكيد بانه سيستأنفها في يوم من الأيام. ولا يزال سكان منطقة الخليج يتعرضون لعمليات تضييق شديدة تطول حرية حركتهم. يكفي في بعض الدول؛ التشكيك البسيط بجدوى الحصار أو التعبير عن التعاطف مع الشعب القطري؛ للتعرض لعقاب صارم. يجب ألا يشكل الصمود الممتاز الذي أظهرته دولة قطر؛ ذريعة للمراوحة في حالة الجمود القائمة. سيكون من الخطير جدا إخراج أزمة الخليج الدبلوماسية من جدول الاهتمامات الدولة، كلما التفتت وسائل الإعلام إلى أزمات سياسية أخرى. إن الوقوع في أي من هذه الأخطاء يعني توجيه رسالة الى العالم بأنه يمكن لحفنة من الدول ان تجتمع على هدف ترهيب أو إخضاع دولة أخرى، بدل تسوية الخلافات معها عبر الحوار، وهذا يعني أيضا بأن من حق دول الحصار فرض إملاءات أحادية فظة علينا، بدل البحث عن حل عبر الآليات السلمية، التي وضعتها هيئات إقليمية ودولية مثل مجلس التعاون لدول الخليج العربية او جامعة الدول العربية أو الأمم المتحدة. إن فرنسا بوصفها عضوا مؤسسا للاتحاد الاوروبي، تدرك جيدا كيف نجح الحوار في تحويل قارة، مثقلة منذ قرون بالأزمات، الى اتحاد صلب ينظر اليه العالم بأسره نظرة حسد، بسبب الحرية التي يعتمدها وبسبب الاستقرار والرخاء التي يتمتع بهما لقد عبر حضرة صاحب السمو الأمير خلال مؤتمر ميونخ حول الأمن عن إعجابه بالدور المحوري الذي لعبه الاتحاد الاوروبي لإيجاد حلول سلمية للخلافات بين أمم القارة العتيقة. مهما كانت الصعاب، فإن المستقبل سيثبت أن دولة قطر بذلت كل الجهود اللازمة من أجل تجاوز هذه الصعاب وأنها كانت على مستوى آمال شعبها وتطلعاته، في الوقت الذي استمرت فيه بالدعوة الى الحوار.