03 نوفمبر 2025
تسجيلgoogletag.display('div-gpt-ad-794208208682177705-3'); googletag.cmd.push(function() { googletag.display('div-gpt-ad-1462884583408-0'); }); ما زالت الصدمة التي أحدثتها المرحلة الأخيرة من الانتخابات البلدية التي شهدتها مدينة طرابلس تتردد أصداؤها في لبنان وكذلك خارجه. فاللائحة التي دعمها اللواء أشرف ريفي المتمرد على رئيس تيار المستقبل سعد الحريري نجحت في اكتساح صناديق الاقتراع وحازت أغلبية مقاعد المجلس البلدي، في مواجهة ترسانة حزبية ومالية وشعبية ساندتها جميع المكوّنات الأساسية بمدينة طرابلس، وفي مقدمهم الرئيسان سعد الحريري ونجيب ميقاتي. الضجة الكبيرة التي أحدثتها النتائج لا تتعلق فقط بأنها كانت مفاجئة ومخالفة للتوقعات والإحصاءات وكشفت عن مزاج جديد لدى الناخب الطرابلسي، بل لأنها كذلك كسرت أحادية زعامة الطائفة السنية التي مثلها سعد الحريري منذ العام 2005، والتي شكلت امتدادًا لزعامة الرئيس الراحل رفيق الحريري. رغم أن ما نتحدث عنه هي انتخابات بلدية يغلب على عناوينها الطابع الإنمائي والمعيشي ولا ترتبط بالوضع السياسي كما هو حال الانتخابات النيابية، فإنها نجحت بهز نادي الصف الأول من الطبقة السياسية، وأدخلت فردًا جديدًا إلى زعامة الطائفة السنية هو اللواء أشرف ريفي الذي راهن كثيرون على اقتراب نهاية مشواره السياسي، بعدما أغضب سعد الحريري باستقالته من الحكومة دون الرجوع إليه. منذ ذلك الحين يسعى الحريري لمحاصرة ريفي والقضاء على أي حيثية سياسية له مهما بلغت التضحيات. وفي هذا الإطار يندرج خضوع سعد الحريري لشروط رئيس الحكومة السابق نجيب ميقاتي لتشكيل اللائحة التي جمعت كل أطياف الساحة الطرابلسية وأبقت ريفي وحيدًا معزولًا. لكن النتائج جاءت عكس ما خُطط له، وكشفت صناديق الاقتراع عن توجه جديد لأبناء طرابلس لاسيَّما الطبقة المتوسطة والفقيرة الذين رفضوا سياسة الفرض والإسقاط التي مورست بحقهم، خاصة أن زعماء المدينة لم يتكبدوا عناء تنظيم مهرجان انتخابي واحد في مناطقهم، أو زيارة يقوم بها أعضاء اللائحة للمناطق الشعبية وأحزمة الفقر المحيطة بالمدينة، فكان الرد من أبناء عاصمة الشمال بالبريد السريع من خلال صناديق الاقتراع.قال أبناء طرابلس بأصواتهم إن عهد الانخداع بالوعود والشعارات ذهب إلى غير رجعة، وأنهم بانتظار من يقف معهم وإلى جانبهم، يسعى لتخفيف معاناتهم، لا أن يغيب سنوات ثم يتوقع أن يصفقوا له عند عودته. حتى اللواء أشرف ريفي متوهم إذا ظن أن الأصوات التي نالتها اللائحة التي دعمها هي قاعدته الشعبية. فمن صوّت له بمعظمهم هم الناقمون على الطرف الآخر، وإذا لم يكن أداء من صوّت له أبناء طرابلس على قدر التوقعات، فإن مصيره سيكون مصير من سقطوا في الامتحان، ولن يعجز الطرابلسيون عن إيجاد بديل جديد.صحيح أن الانتخابات البلدية في طرابلس شكلت صفعة موجعة لسعد الحريري وتياره، لكنها لم تكن الوحيدة. فرغم أن اللائحة التي شكلها الحريري في العاصمة بيروت فازت بجميع مقاعد المجلس البلدي، لكن الأرقام التي كشفت عنها النتائج أشارت بشكل واضح إلى تراجع كبير في شعبية سعد الحريري وتياره، في انعكاس لحال الاستياء من أدائه خلال السنوات الماضية. ومن المرجح أن تكشف الانتخابات النيابية التي من المنتظر إجراؤها خلال أشهر قليلة مزيدًا من هذا الاستياء، وربما تخرج علينا بزعامات جديدة كما خرجت علينا طرابلس بأشرف ريفي. هي المرة الأولى التي يشعر فيها سعد الحريري بأن زعامته في خطر. هي المرة الأولى التي يشعر فيها أن تمثيل المسلمين السنّة في لبنان لم يعد حكرًا عليه. لأول مرة يحصد نتائج ابتعاده عن مناصريه ومؤيديه. المسلمون السنّة في لبنان من خلال الانتخابات البلدية وجهوا رسالة واضحة لمن يعنيهم الأمر: من يتخلَّ عنا نتخلَّ عنه، ومن يهتم بنا نهتم به، ومن يغادرنا سنوات عليه أن يتوقع أن ينساه الناس.