29 أكتوبر 2025
تسجيلهل نجح مؤتمر الأوبك يوم الخميس الماضي، في فيينا أم فشل؟ تختلف الآراء حول هذا الموضوع انطلاقاً من الزاوية التي نُطل منها على المشهد النفطي في العالم.. ففي حين قال مندوب في أوبك إن المنظمة امتنعت عن تغيير سياستها النفطية، وهو ما يعني أنها أخفقت في التوصل إلى اتفاق على سقف جديد للإنتاج، فإن المتحدث باسم أوبك قال إن المنظمة أكدت التزامها باستقرار سوق النفط. وقال وزير النفط الكويتي بالوكالة إن الاجتماع كان إيجابيا، بينما وصفه وزير الطاقة السعودي الجديد بالممتاز.. وقال وزير الطاقة الإماراتي إن أوبك قررت التريث قليلا مع تراجع الإمدادات. ومن جانبه، أوضح وزير النفط الإيراني أنه سعيد بشكل عام بنتائج الاجتماع حيث لم تصدر أي إشارات من باقي أعضاء أوبك على رغبتهم في زيادة الإنتاج بشكل حاد. والخلاصة أن الاجتماع مر بسلام ولم يصدر عنه ما ينغص السوق العالمية للنفط، من تهديدات بزيادة معدلات الإنتاج، لا من إيران ولا من غيرها. كما لم ينجح المجتمعون في المقابل في إقرار أي سياسة جديدة لخفض سقف الإنتاج وحصصه، كما رأى العضو المشار إليه أعلاه في الأوبك. ولكن هذا الرأي لا يدعمه إلا نفر قليل من الأعضاء الذين تمنت دولهم بشكل غير معلن لو اتخذ المؤتمر قراراً ثوريا بخفض سقف الإنتاج حتى تقفز الأسعار إلى ما بين 60-65 دولاراً للبرميل. بالطبع الكل يتمنى ارتفاع الأسعار سواء داخل الأوبك أو خارجها، ولكن المشكلة هي في الوصول إلى سعر مرتفع ومستدام. فليس من الحكمة اتخاذ قرار بسقف الإنتاج تنتفض له السوق العالمية ثم سرعان ما يبطل تأثيره من جراء عدة عوامل: الأول: إن ارتفاع الأسعار سيكون بمثابة طوق نجاة للمنتجين الهامشيين الذين وفرت لهم الأسعار المرتفعة فرصة ذهبية للعودة للإنتاج بسب ارتفاع تكاليفهم، وخاصة لمنتجي النفط الصخري في الولايات المتحدة وخارجها. وأي تخفيض للإنتاج من جانب بعض دول الأوبك سيوفر لهذا الفريق من المنتجين إمكانية سد أي فراغ ينشأ في السوق العالمية، ويمكنهم بالتالي من تسويق منتجاتهم، ومن ثم ستعود عجلة الأسعار إلى الانخفاض من جديد في وقت قصير. الثاني: إن العودة إلى نظام الحصص داخل الأوبك ستكون مدعاة للصداع من جديد، فمن يتحمل عبء التخفيض؟ هل هم كبار المنتجين كالسعودية، والعراق وإيران، والكويت والإمارات فقط، أم الجميع كل بنسبة حصته القديمة، ولماذا لا يشارك المنتجون من خارج الأوبك في التخفيض طالما أن لهم مصلحة في ذلك، وطالما أنهم أبدوا استعداداً لذلك في مؤتمر الدوحة؟ وهل ستقبل إيران بمبدأ التخفيض أصلاً، طالما أن السياسة الإيرانية المعلنة هي في السعي لمزيد من الإنتاج للعودة إلى مستويات سابقة كانت لها في السبعينيات والثمانينيات من القرن الماضي. الثالث: إن إقرار أي اتفاق بتخفيض السقف مع حصص جديدة، سيكون اتفاقاً قصير الأجل، إذ سرعان ما ستبدأ العوامل المضادة في النخر فيه؛ وأولها التقارير الشهرية التي ستظهر عودة فائض المعروض إلى الزيادة من جديدة أو توقفه عن التراجع على الأقل في البداية، ويكون ذلك نتيجة لعودة الإنتاج الصخري إلى الزيادة من جديد، فضلاً عن وجود خروقات من جانب بعض المنتجين للحصص المتفق عليها، وذلك درس خبرته أوبك في سنوات الثمانينيات من القرن الماضي.إذن.. ليس بالإمكان أبدع مما كان.. فالسوق العالمية للنفط شبه مستقرة بإجماع فريد من أعضاء الأوبك، حتى من إيران التي نظرت إلى الجانب الإيجابي للموضوع وهو عدم وجود من يهدد بزيادة الإنتاج، وكبار المنتجين العرب مطمئنين إلى أن مجرد تثبيت الإنتاج كفيل بتثبيت الأسعار عند مستوى 45 دولاراً للبرميل في هذه المرحلة، وهو ما يعمل على طرد المزيد من منتجي النفط الصخري، ومن ثم يعمل على إحداث رفع متوازن في الأسعار بالتدريج لاحقاً.تجدر الإشارة إلى أن المستويات الراهنة لأسعار النفط تبشر بتقليص عجز الموازنة العامة في قطر، ويمكن أن تكون بشارة خير لاستقرار بورصة قطر في النصف الثاني من العام. ويظل في بعض ما كتبت رأي قد يحتمل الصواب والخطأ.. وكل عام أنتم بخير.