12 سبتمبر 2025
تسجيلمع تعدد القنوات الأرضية والفضائية، فإن ناتج بعض القنوات لا يمثل حلقة تغذي الرافد الفكري أو الثقافي للإنسان، نعم هناك قنوات لكل شيء بدءاً بالحراج وصولاً إلى آخر الاكتشافات العلمية، ولكن هل هذه القنوات تغذي ذاكرة جيل مثل تليفزيون أرامكو. أعود سنوات وسنوات إلى الوراء، وإلى بدايات ظهور هذا الجهاز السحري في منطقة الخليج، إلى فترة الستينيات وأتذكر عدد الأعمال التي ارتبطت بالذاكرة الجمعية سواء في إطار الأفلام أو البرامج الثقافية من خلال استحضار الكتب التراثية، أما عن الدراما فحدث ولا حرج مثل مسلسل الهارب، وبيري ميسون بجانب حلقات المصارعة كما أن الجانب الفكري العربي – الإسلامي كان حاضراً وبكثافة عبر إلقاء الضوء على التاريخ العربي والإسلامي، وكان استحضار بعض الشخوص من ألف ليلة وليلة وحكاياهم أمراً مقرراً، فقد شاهدنا مثلاً شخوص شخصيات الأغاني ولعل أشهرهم كان إبراهيم وإسحاق الموصلي، وزرياب، وطويس، وابن سريح، وغيرهم بل إن بعض الحلقات استحضرت النماذج من العصر الجاهلي وصدر الإسلام مثل (الجرادتان) كان الدور الأبرز لاستحضار تلك النماذج مرتبطاً بفنان لبناني وهو "رشيد علامة" إذا لم تخني الذاكرة وعبر أصوات متميزة مثل نور الهدى، ونجاح سلام، وسعاد محمد، ومحمد كريم، ونصري شمس الدين وغيرهم من مشاهير المؤدين والمغنين، كان السؤال الذي ألح عليَّ كثيراً: لماذا لا يتم استحضار عشرات النماذج من بطون كتب التراث؟ ولماذا يتم طرح حياة بعض المعاصرين من نجوم الفن، مثل صباح، وعبدالحليم، وفريد، وسعاد حسني؟ ولماذا مثلاً لا يتصدى أحدهم لاستحضار النماذج الإبداعية خليجياً مثل عوض الدوخي، أو محمد بن فارس، خاصة أن تلك الفترة، فترة ثرية بكل المقاييس؟ ولماذا لا تطرح نماذج قدمت عبر وسائط متواضعة لا أعني الكتابة أو الأداء، ولكن وسائط الإنتاج مقارنة بما هو متاح الآن، ذلك أننا شبعنا من طرح البكائيات والمبالغات والدراما التركية. أعود إلى الزمن الجميل والقي نظرة سريعة على ذاكرتي، لاكتشف أن الذاكرة مليئة بكل شيء جميل، من ينسى مثلاً الكتيبات الصغيرة التي كانت توزع من قبل شركة (شل) ويتم من خلالها التعريف بالتاريخ العربي – الإسلامي، وتاريخ الفن والفكر والثقافة والعلوم، من خلال تلك الكتيبات حصد العديد منا معلومات عن ابن سينا، وابن الهيثم، وابن رشد، والفارابي، وجل العلماء والمفكرين العرب، لا أدري لماذا أتوقف كل هذا، أعرف أن هناك من يقول الآن "وا عليه.. الشيبة يتذكر أيام شبابه"!! .......... وسلامتكم