10 سبتمبر 2025

تسجيل

نظرة على واقع ومستقبل الأوضاع الاقتصادية

05 أبريل 2020

المحنة التي نمر بها هذه الأيام سوف تنبثق منها إيجابيات عديدة في الأجل الطويل بعد مرور ثلاثة أسابيع على إعلان تفشي وباء كورونا في قطر وما صاحب ذلك من سلسلة قرارات حكومية هامة للحد من انتشاره، وللخروج بأقل الخسائر البشرية الممكنة من جراء ذلك، فإن النتائج الأولية تشير إلى نجاح مأمول ومتوقع في الخروج من هذه المحنة في الأسابيع القادمة، رغم أن آثارها وما ترتب عليها من مشاكل وتعقيدات قد تستمر لفترة أطول ومن ذلك التعويضات المقررة لأصحاب الأنشطة المتضررة. وكما هو معروف فإنه حتى الثالث من إبريل فإن إجمالي عدد الحالات الحاملة للمرض في قطر قد بلغ 1075 حالة؛ منها 979 حالة قد دخلت مرحلة العلاج وتعافى منها 93 حالة. وإذا ما استمرت جهود المراقبة للقادمين من السفر، وتقليص حركة السكان داخل البلاد إلى الحد الأدنى الممكن، فإن خروج قطر من الأزمة قد يكون قريباً كما أشرت إلى ذلك أعلاه. ولكن الخروج من الأزمة الصحية سيكون له تبعات اقتصادية مهمة تتمثل كما نراها اليوم في تراجع الناتج المحلي الإجمالي في عام 2020، وفي النصف الأول منه على وجه الخصوص. وإذا كان هذا الناتج قد تراجع بنسبة تقترب من 1% في النصف الأول من عام 2019-نتيجة انخفاض أسعار النفط بالدرجة الأولى- فإنه- أي الناتج المحلي- مرشح للانكماش بنسبة تزيد عن 15%، بالأسعار الجارية في النصف الأول من العام 2020 نتيجة عدة عوامل في مقدمتها انخفاض أسعار النفط حتى الآن إلى أقل من 30 دولارا للبرميل، وانكماش كثير من الأنشطة في مجالات النقل والتجارة والسياحة. وإذا كان معدل التضخم في قطر قد ظل سلبيا لأكثر من عام ونصف العام منذ أغسطس 2018، فإنه سيظل سلبياً في الشهور القادمة بتأثير انخفاض الطلب على السلع والخدمات في مواجهة المعروض منها، واستقرار عدد السكان عند مستوى2.795 مليون نسمة، بزيادة طفيفة عن شهر فبراير الماضي. بل من المتوقع أن يتراجع عدد السكان عن ذلك عند منتصف العام بتأثير العوامل الموسمية وموسم الإجازات. ورغم أن الدعم الحكومي لأداء البورصة قد نجح في وقف تدهور أسعار الأسهم القطرية، واستقرار المؤشر العام فوق مستوى 8400 نقطة في نهاية شهر مارس، إلا أن نتائج الشركات في الربع الأول من العام- والتي سيبدأ ظهورها تباعا في الأسابيع القادمة من شهر أبريل-، ستكون متأثرة بدرجات مختلفة- بتفشي وباء الكورونا محليا وعالميا، وستكون شركات قطاع الصناعة أكثرها تضررا، يليها شركات قطاعي البنوك والتأمين. وسيكون لذلك انعكاسات سلبية على أسعار أسهم الشركات، والمؤشر العام للبورصة. وغالباً ما ستكون عمليات المضاربة على أسعار الأسهم هي المهيمنة على التداولات وخاصة من جانب المحافظ الاستثمارية، مع تراجع اهتمام الأفراد بتلك التداولات. على أنه في مواجهة هذه التراجعات المشار إليها في المجالات الاقتصادية، فإن المحنة التي نمر بها هذه الأيام سوف تنبثق منها إيجابيات عديدة في الأجل الطويل، لعل منها ازدياد الاستخدام الإلكتروني لكثير من الممارسات القديمة في مجالات العمل المصرفي والتحويلات المالية، والتعليم عن بُعد، وممارسة أنشطة أخرى كثيرة خارج المقرات الرسمية، والاعتماد على الذات في أداء بعض الخدمات الشخصية، والتقليل من التعامل مع المطاعم، والحد من رحلات السفر إلا للضرورة. كما ستقل الرغبة لدى الأفراد في الدخول في مشروعات جديدة، وربما اتجه الكثير من أصحاب المحلات الصغيرة إلى تصفيتها والتخلص منها، وهو ما سينعكس سلبا على عدد السكان. وفي المقابل ستتعمق لدى الناس عادات حميدة كالنظافة العامة، وتقل لديهم الرغبة في الاختلاط بالغير إلا للضرورة.