17 سبتمبر 2025
تسجيلمن جميل ما جاء عن التابعي الجليل، الحسن البصري قال: "علمتُ أن رزقي لا يأخذه غيري، فاطمأن قلبي، وعلمتُ أن عملي لا يقوم به غيري فاشتغلت به وحدي، وعلمت أن الله مطّلعٌ علي فاستحييت أن يراني عاصياً، وعلمتُ أن الموت ينتظرني فأعددتُ الزاد للقاء ربي".عباراته تلك يمكن اعتبارها من عوامل الطمأنة للنفوس البشرية القلقة، التي تعيش قلقاً غير مبرراً.. قلقٌ ليس على أمنها فحسب، بل على حاضرها ومستقبلها وأرزاقها وأحوالها وحياتها وكل ما يحيط بها!ما يهمنا في حديث اليوم التأكيد على مسألة الأرزاق مرة أخرى. إنها من تلكم المسائل التي تشغل بال الكثيرين، الذين لو سألت أحدهم إن كان يعتقد أن الرزق بيد غير الرزاق سبحانه، فيجيبك على الفور بالنفي، وأنه يؤمن بأن الرازق في السماء، ولكن في الوقاع العملي تجد خلاف ما يقول. نعم تجده خلاف ما يقول، لماذا؟ لأنه يقول باللسان ولم يتيقن بعد أو يؤمن تمام الإيمان بأن الأرزاق يوزعها رازق في السماء لا تنتهي خزائنه ولا يفرق بين عبيده ومخلوقاته بالكيفية التي يحددها سبحانه ويعلمها. إن كان حقاً يؤمن بأن رزقه في السماء، فلماذا يبحث عنه إذاً في الأرض؟ والبحث ها هنا غير السعي بالتأكيد.. وإن كان يؤمن أن رزقه لا يمكن لأحد غيره أن يأخذه، فلماذا تجده يقاتل الآخرين خشية أن يأخذوه منه؟ وإن كان يؤمن بأنه لن يموت حتى يكتمل رزقه ويرى كل ما كتبه الله له أو عليه، فلماذا يسهر الليالي متوتراً على مال أو وظيفة أو جائزة أو حتى طعام يأكله؟ المسألة تحتاج الى إيمان حقيقي يقيني مترسخ بالقلب، فليس يكفي القول باللسان، ومن آمن بقلبه فقد اطمأن ذاك القلب أولاً ومن ثم سائر أعضائه وبدنه، فعاش مستريح النفس وأراح من حوله. الإمام الشافعي رحمه الله، له أبيات غاية في الروعة حول الأرزاق، يقول فيها:توكلت في رزقي على الله خالقي ... وأيقنـت أن الله لا شـك رازقـيوما يك من رزقي فليـس يفوتني ... ولو كان في قاع البحار العوامقسيـأتي به الـله العظـيـم بفضلـه ... ولو، لم يكن من اللسـان بناطـقففي أي شيء تذهب النفس حسرة ... وقد قسم الرحـمن رزق الخلائق