30 أكتوبر 2025

تسجيل

‏داعش والسلاح الكيميائي في إفريقيا

05 مارس 2016

إعلان وزارة الداخلية المغربية مطلع الشهر الجاري أن شبكة تنظيم الدولة الإسلامية (داعش) التي تمّ تفكيكها في 18 فبراير الماضي بمدينة الجديدة، كانت تمتلك أسلحة بيولوجية، يؤكد صحة المعلومات الاستخبارية التي كشف عنها مسؤولون غربيون من أن التنظيم الأم سعى لامتلاك أسلحة غير تقليدية عبر جذب خبراء عراقيين عمل بعضهم في هيئة التصنيع العسكري أيام الرئيس صدام حسين. وقد أنشأ لذلك فرعا مختصا بصناعة الأسلحة الكيميائية للحصول على سلاح غاز الأعصاب. وليس بعيداً عما سبق ادعاء القوات الكردية بتعرضها لغاز الخردل في معاركها ضدّ التنظيم في سوريا حيث أظهرت تحاليل غربية أن قذائف هاون أطلقت على القوات الكردية في شمال العراق عام 2015 كانت تحمل آثار خردل الكبريت. المواد الكيميائية المضبوطة مع الخلية المكونة من عشرة أفراد بينهم مواطن فرنسي تحتوي على مواد سامة بيولوجية، مصنفة من طرف الهيئات العالمية المختصة بالصحة في خانة الأسلحة البيولوجية الخطيرة، وذلك بالنظر لقدرة كمية قليلة منها على شلّ وتدمير الجهاز العصبي للإنسان والتسبب في وفاته، كما أن من شأنها تعريض المجال البيئي للخطر في حالة تسريبها عبر المياه والهواء.احتوت المضبوطات على أسلحة نارية ومعدات مصنوع قسم منها في العراق. وتمّ إدخالها إلى المغرب من ليبيا، بتنسيق مع قياديين لتنظيم الدولة في العراق وسوريا. وخطّط أعضاء الشبكة التي تنشط في مدن الصويرة، ومكناس، وسيدي قاسم، والجديدة لتنفيذ سلسلة عمليات تستهدف ضرب مؤسسات حيوية وحساسة. كما خططوا لاستقطاب المزيد من العناصر للانضمام لهذا المخطط التخريبي، في أفق خوض حرب عصابات واسعة النطاق بتأطير فعلي وميداني من طرف قياديين متمرسين.أهمية المعلومات التي كشفت عنها الأجهزة الأمنية المغربية أن الخلية المضبوطة تدرّبت في ليبيا بالقدر الذي يمنحها القدرة على المناورة والتخفي وتصنيع الأسلحة غير التقليدية التي ضبطت. وبما أن تنظيم الدولة يسعى جاهدا للحصول على أسلحة غير تقليدية فقد يكون وجد في ليبيا البيئة المثالية للحصول على أسلحة من هذا النوع لاسيَّما أنه يهيئ نفسه لمواجهة فاصلة مع الكتائب الثورية من ناحية، وضدّ التدخل الغربي المتوقع بريا من ناحية أخرى. تداعيات التحرك النشط لتنظيم الدولة في ليبيا سيكون واسعاً على الوضع الداخلي للمغرب التي هزتها تفجيرات عنيفة وقعت في مدينة الدار البيضاء عام 2003 مخلفة 45 قتيلا بمن فيهم المهاجمون الثلاثة عشرة الذين نفذوها. ورغم فاعلية المغرب في مواجهة الإرهاب من خلال اعتمادها سياسة استباقية ضد الأعمال التخريبية التي مكّنتها من تفكيك أكثر من 140 خلية إرهابية، واعتقال أكثر من 2200 شخص مشتبه فيه أو متهم، منذ سنة 2002 إلا أن عدد الخلايا التي تمّ تفكيكها ارتفع ثلاث مرات مقارنة مع السنوات السابقة. وفي وقت سابق من العام 2015 كشفت السلطات أن 1354 مغربيا يحاربون في صفوف جماعات مسلحة في سوريا والعراق وقد اعتقل منهم 220 عند عودتهم إلى المغرب وقتل 286. كما يضم التنظيم نحو 158 امرأة و135 طفلا مغربيا. ونظرت المحاكم المغربية في 413 ملفا لمتهمين في قضايا الإرهاب. وتمّ تنظيم 344 ملفًا على خلفية قضايا تتعلق بـ"مكافحة الإرهاب" خلال سنة 2015. وبالتالي فإن الكشف عن هذا العدد من الخلايا والمتهمين بقضايا الإرهاب يرفع درجة الإنذار عالياً لاسيَّما أن المغرب مفتوحة على دول تنشط فيها تنظيمات متعددة توصف بالإرهاب وتملك خبرات قتالية عالية ولديها تسليح جيد وإمداداتها من التمويل يكاد لا ينقطع اعتمادا على الفدى والتهريب بين المناطق.ولعل القلق المغربي من استفحال ظاهرة الإرهاب في عموم القارة الإفريقية وتمدده نحو الدول الأوروبية المطلة على القارة السمراء دفعها للتعاون الوثيق مع الدول الغربية في تكوين قاعدة بيانات للأشخاص المتورطين بالإرهاب أو المحتملين بالتحول نحو العنف المسلح. وقد أسفر هذا التعاون في إيقاف أحد أفراد "الخلية الكيمائية" بمدينة الناظور، تزامناً مع اعتقال 3 شركاء آخرين بمدينة سبتة الخاضعة للنفوذ الإسباني في المغرب. وكان للمغرب دور كبير في كشف هوية عدد من منفذي هجمات باريس الأخيرة. كما ساعدت في القبض على عدد من الفارين في مدن بلجيكية. فهل سينجح تنظيم الدولة في تحقيق مآربه في دول شمال إفريقيا أم أن خبرات بعض الدول مثل الجزائر والمغرب وإصرار تونس على المواجهة الكاملة معه قد يقضي على آمال التنظيم في خلق بيئة مشابهة لما كان عليه تنظيم القاعدة في تلك المنطقة؟