16 سبتمبر 2025
تسجيليبدو أن الانقلابيين في مصر يتوهمون أن استهداف حماس وشن هجمات عسكرية عليها صار أمرا ميسورا وفرصة سانحة وفي هذا السياق هم يدفعون بإعلامييهم وقضائهم لمحاولة شيطنة حماس وكسر سمعتها.. أما في المنظور المنطقي وحسابات الربح والخسارة وبعيدا عن التهويل والتهوين فيمكن ترجيح أن عدوانا مصريا غير ممكن وأن التصعيد يراد منه فقط تبرير استمرار الحصار على غزة.. الحقيقة أن أسبابا موضوعية كثيرة تحول دون قدرة النظام الانقلابي على مهاجمة غزة.. منها ما هو خارج عن إرادته ومنها ما يتعلق بالقضية الفلسطينية ومنها ما يتعلق بحماس ومنها ما يتعلق بالقصور الذاتي لدى الانقلاب ومنها ما يتعلق بالآثار المتوقعة لعدوان كهذا.. وفي تفصيل الموانع أقول: 1- حماس قادرة على تحويل أي عدوان مصري عليها لصهيوني وأن تخلط أوراقh كثيرة في وجهه ويكفيها هنا أن تقصف تل أبيب مثلا.. 2- وحماس قادرة على إطالة أمد أي عدوان لشهور وربما أكثر بما يضمن لها تحريك الداخل المصري والداخل الفلسطيني ودواخل وجهات ونظم ومنظمات أخرى لها ثقلها وتأثيرها!3- ولحماس قوة عسكرية وقوة ترابط مع حاضنتها الشعبية تجعل أي عدوان ليس نزهة أو ممكنا حسمه بالسرعة التي تضمن عدم انقلاب الموقف ضده..4- حركة المقاومة هي حركة معتبرة ومعترف بها دوليا لم يستطع قضاء أوروبا أن يدينها بالإرهاب والعالم ليس كتلة صماء نمطية مؤطرة للصهيوني أو للسيسي أو غيرهما.5- وطبيعة الجيش المصري وقلة خبرته التي لا يمكن مقارنتها بقوة ونوعية واستعداد مقاتلي حماس؛ فالعسكر المصري لم يقاتل منذ أربعين سنة واستبدل القتال بالأنشطة المدنية والتجارية والتنافسية والوجاهية. 6- الفصائل الفلسطينية بما فيها اليسارية والليبرالية والمتدينة وغير المتدينة وقطاعات الشعب الفلسطيني كله أعلنت رفضها لقرار محكمة القضايا المستعجلة المصرية باعتبار حماس إرهابية.7- عدم وجود المبرر الموضوعي لمثل هذا العدوان وحتى لو صنعها النظام بالترتيب مع دحلان أو داعش أو مع السلطة أو (إسرائيل) فلن يكون مقنعا وسيكون سبة وفضيحة أكثر منه أي شيء آخر.8- عدم تقبل المجتمع الدولي لعدوان كهذا وبالضرورة فإن للموقف الدولي تأثيره ولنأخذ هنا نموذج قياس عدوانه على ليبيا وعجزه عن تبريره أو الاستثمار فيه رغم الرغبة الدولية في تصديق روايته. 9- العدوان على غزة سيسبب إحراجا لعباس وضغطا عليه يضعه بين سندان التحرك لرفضه والاتجاه نحو محكمة روما ضد العدوان وسندان الفضيحة المكشوفة الفجة التي ستعتبر جريمة وطنية. 10- المصالحة الفلسطينية رغم تعطيلها من جانب فتح فهي بحالها الراهن لا تعطي النظام المصري هامش تحرك داخل الساحة الفلسطينية أكثر من الإعلامي؛ في حين أن للمستوى السياسي معادلات وحيثيات مختلفة. 11- تردي حالة الانقلاب السياسية والأمنية والإعلامية وتفجر أوضاع سيناء وقدرة إخوان مصر على التصعيد العنيف الذي لم يتقدموا له حتى الآن إذا صارت المواجهة على هذا المستوى من الصراحة والخطورة. 12- اتفاقية كامب ديفيد بين مصر وإسرائيل لا تسمح للجيش المصري بالتقدم جهة غزة إلا في تعاون واضح مفضوح وهو ما يخسر به الانقلاب أكثر مما يكسب. 13- قوة الإعلام المعارض لهذا العدوان وقوة الضوء المسلط عليه.. (نتذكر ما قاله القائد الصهيوني يوآف بن جالانت لما عزا انكسار عدوان 2008 على غزة لهذا العامل).14- انقسام الحالة العربية بين مؤيد للمقاومة وعدو لها لا يوفر غطاء متينا لعدوان بهذه الخطورة والفرق.. وقد يؤدي لتفكيك ما تبقى من الجامعة العربية..15- قدرة الدول الصديقة لحماس وفلسطين على منع هذا العدوان بالمساعي الدبلوماسية والسياسية وربما بما فوق ذلك. 16- اختلال معادلات النظام الانقلابي الإقليمية بما سيجعل الدول التي كانت تدعمه مضطرة لإعادة تقويم كل الحسابات معه بما ينزع قدرته على الشروع في عدوان لا يستطيع أن يحدد هو نهايته. آخر القول: هذه كلها موانع من عدوان مصري على حماس وهي في الوقت ذاته الهوامش والخيارات التي على حماس أن تستثمرها وأن تعمل عليها إذا وقعت حرب فوق الأسباب الموضوعية فالانقلاب لا يمكن الوثوق بدينه ولا خلقه ولا عقله بعد أن قتل شعبه وخان أمته لأعدائها.. ويبقى أن فوق كل هذه الأسباب قدرة مسببها تعالى ووعد بحفظ الطائفة المنصورة في فلسطين والتي تقع حماس في مقدمة صفوفها بجهادها وصفائها.