13 أكتوبر 2025
تسجيلنجد في كثيرٍ من المدارس، تطبيق القيم الاجتماعية، ويتم تثبيتها على جدران الصفوف الدراسية وحيطان المبنى المدرسي، كقيمة التعاون، والإحسان إلى الفقير، وقيمة الوقار واحترام الصغير، والاستقامة، وغيرها من القيم الاجتماعية الأخرى، هذه القيم غالباً ما تكون شهرية بالمدارس إن لم تكن أسبوعية، يتعلم من خلالها الطالب ويطبق ما تعلمه على أرض الواقع، وهذا يُحسب للمدرسة التي يتعلم فيها هذا الطالب، كما يُحسب إنجازاً لإدارة المدرسة وموظفيها.. هذه المقدمة تقودني إلى أهمية التربية الفنية بالمدارس والمؤسسات التعليمية في تعديل السلوك الإنساني، وتهذيب العقل وصقل الروح، والتربية الفنية هي أحد الأنشطة المدرسية، وهي الوسيلة الحسية المهمة من وسائل المعرفة، كما أنها تعمل على تنمية العضلات الرقيقة حين الرسم والتلوين أوعند الخطوط الكتابية، حيث تصقل التربية الفنية الطفل بالمهارات اليدوية من خلال النشاطات الفنية، وتنمي عنده الحس الجمالي والتذوق الفني، لذلك عندما نذهب إلى المكتبات الخارجية لشراء بعض أغراض أبنائنا من مستلزمات مدرسية، نجد أطفالنا أول ما يهتمون به، هو شراء دفاتر الرسم وعلبة الألوان فضلاً عن اختيارهم الثاني والذي غالباً ما يكون من المستلزمات الرياضية التي تخصهم بمدرستهم، إذن يحب الطالب حصص التربية الفنية والرياضة، وهذا يقودنا إلى أهمية الحس الفني وبناء الجسم السليم، وهاتان القيمتان تقودان إلى تهيئة الطالب اجتماعياً ووجدانياً، كما تقودان إلى الجمال والإبداع.. ولأن الذوق الجمالي مغروس في الإنسان منذ نشأته، فهو لا يقدر أن يعيش بدونه، لذلك نجد الطفل يرسم خطوطاً متشابكة نحن نراها عشوائية، ولكنه مقتنعٌ بها لأنه يجد نفسه في هذه الإنجازات البسيطة المتواضعة، وهنا علينا بتوجيه الطفل فقط، وليس بمسح ما كتبه أو رسمه، ومع التقدم الزمني والاجتماعي للطفل حتماً سيتعلم بطريقةٍ أفضل، وهنا نحن كمعلمين لا نُعلِّم الطفل الرسم كرسم أو الفن كفن، فهذه موهبة، ورغبة الفرد ستتطور بمرور الأيام، لأننا لسنا غاية بالنسبة له، إنما نحن الوسيلة لبلوغ غايته، فنحن نساعده بالتوجيه حتى يتطور، ولكننا لا نُعلِّمه الموهبة، بل نشجعه عليها إن وجدت أو نطورها له دون تدخل مباشر ليتعلم الاستقلالية والاعتماد على النفس، بل نُعلِّمه كيف يفكر وكيف يبتكر بحرية مع ملاحظة مجهوداته بحذر، ومهمتنا مراقبتهم وإعانتهم وتوفير ما يحتاجونه من مستلزمات تعينهم في الرسم والتلوين، حينها سنجد منهم العطاء وجمال الإبداع، لأن الطفل يرى في الفن شخصيته مستقلة، ويرى ذاته القادرة، وأستحضر عندما كنا صغاراً بالمرحلة الابتدائية في حصص التربية الفنية نرسم ونلون وأثناء تنفيذ العمل واستخدام الألوان، ندندن بأصوات هادئة ومُعلِّم التربية الفنية يلاحظنا ويسمعنا ويتجول حولنا دون أن يتدخل، كان فقط يتدخل حين نسأله في مساعدة معينة أو لاستعارة قلم ملون من زميل، لذلك تتجلى مدى أهمية التربية الفنية في حياة الفرد وتنعكس على السلوك والثقافة وغرس قيم الجمال والإبداع بداخله.أخيراً الفن وسيلة تخاطب بين الفنان والمجتمع، والإبداع هو القدرة على الرؤية والإدراك ومن ثم الاستجابة والتفاعل، وهو مرآة الحضارات على مر العصور، حيث يتعلم الطالب من خلال التربية الفنية المهارة في استخدام الأدوات والخامات المتنوعة والتوازن بين القيم العلمية والتقنية، وبين القيم الجمالية والروحية، والفن هو التوافق بين عالم الجمال وعالم الوجدان. والفن عموماً يساعد على نمو الطفل العاطفي والفكري والبدني والإدراكي والاجتماعي والجمالي والإبداعي، والتعبير الفني موحى من الطبيعة، فليس اليد هي التي توحي فقط.