صخب الخصومة

روى الإمام البخاري رحمه الله أن عائشة رضي الله عنها قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم" إن أبغض الرجال إلى الله الألد الخصم".الخصومة إفساد في العلاقات، وتعكير للمزاج وتشويش وتشتيت للفكر والذهن، والرغبة في الإساءة للخصم بأي أسلوب ومتى أتيحت الفرصة، وتوغر الصدر من الغضب والحقد، وتنازع وجدال بحدة، وسيل من الكلام البذيء السيئ، وحمل الكثير من التجني، والتحاسد والتباغض والتقاطع والتدابر، ونزاع يحمل في طياته الكثير من المساوئ، وأرق وهم بالليل والنهار، وهي شديدة الإزعاج والإيذاء، وبلاء وتيه وضياع، ولا ننسى أنها من خصال أهل النفاق " وإذا خاصم فجر".وإذا دخلت الخصومة على مجتمع ما بين أفراده وفي مؤسساته تفتت وتشتت وتناحرت وأحدثت صخباً وضجيجاً، وهي تنبئ عن ثقافة هابطة لمن يسلك طريقها والانجراف والانجرار نحو التصعيد مع الآخر فيصبح لها صخب. وللأسف قد يسري صخب الخصومة إلى الأبناء وإلى أفراد الأسرة فتتسع الهوة، وقد يتأثر بها بعض العاملين فيقفون في صف هذا ومع ذاك. فرب كلمة نابية تافهة أدت إلى خصومة، ورب حقد أدى إلى خصومة، ورب إطفاء شعلة حماس موظف وتكسير مبادراته واقتراحاته أدت إلى خصومة، ورب إهمال أو تجاهل الكفاءة من بعض المسؤولين أدى إلى خصومة، وكما قال أحدهم " الخصومة المرتع والمتاع". فمتى نضيق عليها ونمنع عنا صخب الخصومة.فالحذر الحذر أن تمتطي قلوبنا الخصومة فتحتل جميع أبداننا وجوارحنا فنصير في هذه الحياة عُمي البصيرة. فلنمارس قيم الفضيلة في حركة الحياة ولنعش فيما بيننا أجواء اتساع الصدر وسعة الأفق وتقبل الآخر، ونغلق بقدر الإمكان وعند كل واحد منا الاستطاعة في إغلاق أبواب صخب الخصومة الكريهة.وتأمل.. أبيات الإمام الشافعي رحمه الله:قالوا سكتَّ وقد خوصمتَ قلتُ لهم *** إن الجوابَ لِبَابِ الشَّرِّ مفتاحُوالصمت عن جاهلٍ أو أحمقٍ شرفٌ *** وفيه أيضاً لصون العرض إصلاحُأما ترى الُأسْدَ تُخشى وهي صامتةٌ *** والكلب يُخشى لعمري وهو نباحُ" ومضة "قال بشير بن عبيد الله رحمه الله ".. والله ما رأيت شيئاً أذهب للدين ولا أنقص للمروءة ولا أضيع للذة ولا أشغل للقلب من الخصومة " إنها لصخب!