22 سبتمبر 2025

تسجيل

هل بات تسليح الجيش الحر.. والشعب المظلوم ضرورياً؟

05 مارس 2012

بعدما أولغ الأسد وعصابته ولم يستجب لنداء الحكمة والعقل من أي طرف يريد وضع حد فاصل لحفلات الإبادة الجماعية ومسلسلها المتواصل في جميع المدن والأرياف والمواقع في سورية وخاصة حمص وبالأخص حي بابا عمرو حيث يسقط الشهداء على محراب الحرية، لم يعد من المقبول في قانون الشرع أو الوضع أن يبقى نهر الدم جاريا وألا يكون حل أمام اللاحل وألا يكون منطق في مجابهة اللامنطق وألا يقف الشعب السوري البطل المصطبر حيال آلات القمع الوحشية التي مازالت تسحق العباد والبلاد دون معالجة عملية تخفف من آلام هذا الوباء إن لم تستطع استئصاله، أو تقضي عليه بالتداوي الفعال الذي يعيد الجسم السوري إلى المعافاة ولو كان المشوار طويلا ولابد أن للحرية ثمنا باهظا، ولذا فإن الدعوات التي انطلقت – ومازالت لتسليح الجيش الحر الذي انتفض ضد الجلادين العسكريين والمدنيين من مجرمي هذه العصابة الباغية منذ أشهر وقدم تضحيات جساما لنصرة الثورة المباركة هي دعوات ونداءات محقة بلا أدنى ريب وذلك لأن الحراك السلمي الذي استمر معظم هذه السنة بالجهاد اللاعنفي لم يجد المتظاهرين والشعب فتيلاً بالمعنى العملي لتحقيق أهداف الثورة والانتقال بالبلاد من نفق الاستبداد والاستعباد إلى ضوء الحرية والعدالة والكرامة بل أخذت هذه العصابة المجرمة تتسلى باصطياد المدنيين والأبرياء وأفرطت في العنف ضد الأطفال والشيوخ والنساء ولم تذر شيئاً من ممتلكات الناشطين والمؤيدين بل والصامتين القاعدين إلا واعتدت عليه هدما وحرقا ونهبا واحتلالا، والأمثلة الموثقة أكثر من أن تحصر والواقع لكل مشاهد وسامع أكبر دليل ويالها من جرائم ضد الإنسانية مهما عارض الموالون لهذه العصابة واسترخصوا دم أهل الشام كروسيا والصين وإيران وحزب الله ومالكي العراق ومن يدور في فلكهم، ولا شك أنهم مشتركون فعليا في هذه الجرائم فهم يعينون هذا القاتل بالسلاح والمال بل والرجال ويتدخلون في شؤون وطننا الغالي مباشرة ثم يرفعون عقيرتهم لرفض أي تدخل خارجي لحماية الشعب وكأن ما يفعلونه هو الحلال وما قد يدعو إليه الآخرون من العرب والغربيين هو الحرام، نحن نعرف أن المصالح السياسية والعسكرية والاقتصادية والطائفية هي المحرك الأول والأخير لمن يعادي خيار الشعب، ونعرف أن الذين يصطفون إلى جانبه بين مخلص وبين منتفع ولكن الشرع الحنيف دعانا إلى اختيار أخف الضررين وأهون الشرين سيما أنه ليس هناك أدنى شك أن أعظم الشر هو ما يأتي من الطرف المناجز للجماهير الحرة سيما أن القائد الموجه لحراك هؤلاء هو إسرائيل التي ما فتئت تحافظ على ما يسمى نظام الأسد الذي تباركه كما أشرنا إلى تصريحات ساستها وعسكرييها في مقالات سابقة وما جرى التصريح به على لسان رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو أنه يعارض خلع الأسد كما نقلت هآرتس 16/2/2012م، مع وزير دفاعه ايهود باراك بعد أن صرح قبل شهرين أن عائلة الأسد ستزول خلال أسابيع ومتى صدق اليهود في التاريخ، ثم جاءت يديعوت أحرونوت في 20/2/2012م، لتؤكد أن سورية الجديدة بعد الثورة سوف تعادي إسرائيل وأن السلطة بيد العلويين أفضل لهم منها بيد السنة والإخوان المسلمين الذين سيعادون الديمقراطية وإسرائيل، بل إنهم تحركوا أمس بطائرات تجسس فوق المدن السورية لمراقبة ناشطي الثورة كما أكد عدد من المراسلين منهم مراسل الجزيرة أحمد موفق زيدان، وفي ذلك شريط فيديو موثق، ولذا فقد بات محسوماً لدى الجيش الحر والمعارضة بشتى أطيافها وجماهير غفيرة من الشعب السوري أنه لابد من تفعيل المقاومة الشعبية بالسلاح المتاح لحماية الثوار والمدنيين كضرورة ملحة الآن:إذا لم يكن إلا الأسنة مركبفما حيلة المضطر إلا ركوبهاحقاً إنها ضرورة ويجب أن تبيح المحظور وتقدر بقدرها بناء على قول العزيز الحكيم سبحانه "وقد فصل لكم ما حرم عليكم إلا ما اضطررتم إليه..." الأنعام 119، ومن يدري إذا كان الجهاد والمواجهة المسلحة بقصد الدفع وحماية الأعراض والممتلكات هو الحل المجدي كلياً أو جزئياً للإنقاذ بعد ان سدت السلطة الغاشمة كل حل للأزمة والمعضلة المستمرة وطنياً وإقليمياً ودولياً ونحن كمسلمين كثرة نعيش في هذا الوطن يسعنا أن نتبع توجيه ربنا تعالى في هذا الصدد بقوله: "كتب عليكم القتال وهو كره لكم وعسى أن تكرهوا شيئاً وهو خير لكم وعسى أن تحبوا شيئاً وهو شر لكم والله يعلم وأنتم لا تعلمون" البقرة 216.قال المفسر ابن كثير 1/336: هذا إيجاب منه تعالى للجهاد على المسلمين ونقل عن الزهري أنه واجب على كل أحد غزا أو قعد فالقاعد عليه إذا استعين أن يعين وإذا استغيث أن يغيث وإذا استنفر أن ينفر ولهذا ثبت في صحيح مسلم عن أبي هريرة رضي الله عنه عن الرسول صلى الله عليه وسلم "من مات ولم يفز ولم يحدث نفسه بالغزو مات على شعبة من نفاق" ومع أن النفس تكره القتال لشدته ومشقته إذ فيه القتل والجرح ومجالدة الأعداء إلا أنه يعقبه نصر وفيه دفع المذلة كما يقول ثوار سوريا اليوم: الموت ولا المذلة لأنها تؤدي إلى غلبة الرجال واستضفافهم.كما يقول المفسر الطاهر بن عاشور في التحرير والتنوير 2/335 ويقول سيد قطب في الظلال 1/203: لا تجزع عند الصدمة الأولى فقد تكره النفس القاصرة أمراً ويكون كل الخير فيه، بل إن القتال ضد الظلم المبين هو دخول في السلم من بابه الواسع أي من حيث النتيجة وذلك لمن يدوسون المقدسات ويقتلون الناس ويخرجونهم من ديارهم لأنهم عادون باغون أشرار ولابد للحق أن يقلم أظفار الباطل ولو ادعى أهله أنهم يتترسون بالحرمات أي باسم الوطن والسيادة مثلاً مع أنهم يضربون هذه الحرمات، فعلى المسلمين ألا يستسلموا بل يصبروا على الحرب قدر الاستطاعة وأن يشحذوا كل أداة جهادية عامة وخاصة أمام الأعداء، أقول: وفي ذلك تحقيق مبدأ قانون التدافع في الأرض، فالحياة ليست كلها سلم وسلام ظاهر بل كما قال تعالى مؤكدا أنه هو الأعلم بالعواقب والمصالح ويجب أن ننقاد له دنيا وأخرى ولا ريب أن هذه العصابة الباغية الوحشية التي فاقت بقمعها كل التوقعات يجب أن تلجم عن عدوانها بتعاون المسلمين وغيرهم لتسود الطمأنينة وينتشر الأمان وقد ذكر العلامة ابن عابدين في حاشيته رد المختار 3/252 أنه إذا قامت جماعة ضد إمام ظالم لا شبهة في ظلمه وجب على جميع الناس معاونتهم.. فعلى الجيش الحر والمعارضة والوطنيين في سورية وخارجها من الشعوب العربية وغيرها أن تعين ما استطاعت لتحقيق هذا الهدف ولابد لليل أن ينجلي ولابد للقيد أن ينكسر مع أهمية الملاحظة الشرعية والوضعية التي لا محيد عنها وهي أن كل شيء خاضع للدراسة حسب الظروف فإذا ما سلحت المعارضة والجيش الحر، فيجب أن يحكم هذا الشأن التنظيم الدقيق والبعد عن أي فوضى تأتي ببعض الأضرار على الثورة وكذلك أن تقوم في مقام الدفاع غالبا إلا عند الضرورات القصوى وأن تعمل جنبا إلى جنب مع المظاهرات السلمية اللاعنفية وتحافظ على حمايتها وأن تقمع الجواسيس المنافقين وهكذا وبالشروط المعتبرة فإنه لا مهرب عن تسليح الثورة ليس فقط للقضاء على النظام بل وللحفاظ على حياة الناس[email protected]