19 سبتمبر 2025
تسجيلgoogletag.display('div-gpt-ad-794208208682177705-3'); googletag.cmd.push(function() { googletag.display('div-gpt-ad-1462884583408-0'); }); كنت ومازلت من المشجعين للقادة السياسيين الفلسطينيين لنشر مذكراتهم، لأن كثيرا من خفايا وأسرار مراحل معينة اختفت بوفاة، أو باستشهاد أصحابها، مما جعل مراحل تاريخية مهمّة من مسيرة الثورة الفلسطينية المعاصرة عرضة للقيل والقال والتأويلات.فمن القلائل الذين اعترفوا بالأخطاء التي تعرضت لها القضية الفلسطينية وثورتها المعاصرة، سليم الزعنون رئيس المجلس الوطني الفلسطيني، فالحوار الذي أجرته (قناة العربية) مع (أبو الأديب) على 6 حلقات مؤخرا، كشف الكثير من الأسرار والأحاديث التي كانت تدور في المكاتب المغلقة وغرف الفنادق.الحوار بأغلبه تمحور حول مسألتين أساسيتين، الأولى، الفساد المالي لغالبية قيادات الحركة،- إلاّ من رحم ربي، الثانية، عما وصفه "التيار الإسرائيلي" الذي برز داخل قيادات الحركة، خاصة على المستوى السياسي، عقب تفاهمات أوسلو في العام 1993، الذي ارتبطت مصالحه بالمكاسب التجارية والاقتصادية مع الاحتلال، وبلغ من القوة أن الراحل ياسر عرفات أفضى للزعنون يوما بأن هناك "جواسيس لإسرائيل في مكتبي".في الحقيقة أن اعترافات أبو الأديب ليست هي الأولى، فقد سبق أن أدلى بأقوال ساخنة جدا، اتهم فيها حاشية الراحل عرفات وجماعته المقرّبين بالفساد المالي، فاتهموه بدورهم بأنه "حرامي"، وبأنه سرق مبلغ مليوني دينار كويتي ونصف المليون، قيمة مبنى حركة فتح ومنظمة التحرير الفلسطينية بالكويت وتحويله على حسابه الخاص بالبنك العربي بالأردن. الزعنون في الحوار كان منسجما مع نفسه وكأنه بعد هذا العمر (75 عاما)، يطلب المغفرة من الله تعالى على سكوته طوال عقود من الزمن، وهو من الروّاد في حركة فتح، على ما اقترفه والبعض الآخر من قيادات الحركة من إساءات بحق الشعب الفلسطيني. ومعاكس له في الاتجاه، يرد (أبو الأديب) على الانتقادات التي تعرّض لها ولا يزال المجلس الوطني الفلسطيني، من بينها الفساد الإداري، وتحجيم سلطته وقدرته على التفاعل مع الأحداث والواقع، وحملات الاتهام وعمله خارج إطار حركة فتح والذي تطور إلى تفكيره بإنشاء حزب مستقل.لكن الأهم بنظري ما أورده هذا السياسي المخضرم من معلومات بشأن موقف حركة فتح من احتلال جيش صدام حسين للكويت، والالتباس الذي ترافق مع هذا الموقف، حيث يقول إن دولة عربية كبيرة في إفريقيا "لم يذكر اسمها" لعبت دورا خبيثا بتشويه الموقف الفلسطيني عموما من هذه المسألة.يقول الزعنون وهو في تلك المرحلة كان مدير مكتب المنظمة بالكويت: "جاءتنا رسالة من القياديين العراقيين علي حسن المجيد وسبعاوي إبراهيم، يطلبان فيها من قيادة الجالية الفلسطينية في الكويت موقفاً بالمشاركة في المظاهرات والانخراط في الجيش الشعبي العراقي"، ويضيف: قلت باسم "فتح" في بداية الاجتماع: "الكويت بالنسبة للجالية الفلسطينية، بئر ماء شربنا منها ولا يمكن أن نلقي فيها حجرًا".وقد أيد هذا الموقف وباركه (أبو عمار) بحسب رسالة تسلمها (أبو الأديب) منه، جواباً على رسالة كان أرسلها إليه الأخير ضمنها موقف "فتح" وبالتالي منظمة التحرير المشار إليه.وكان "أبو الأديب" خرج من الكويت في يناير 1991، بعد أن شعر بالتهديد من جهة مجهولة كانت تعمل في الكويت إبان احتلالها من قبل الجيش العراقي. واللافت أيضا تلك الصراعات التي كانت تدور بين قيادات الحركة، وتقاطع الصلاحيات وتعارض المسؤوليات التي كان توزيعها بيد الرئيس عرفات، وبحسب رغائبه الشخصية، أكثر من الضرورات السياسية والتنظيمية، كما جاء في الحلقات الست مع أبو الأديب. ومسألة مهمّة أكدها (أبو الأديب)، حيث لفت إلى أن عرفات فضّل الانتقال إلى تونس، وليس إلى سوريا لتلافي سيطرة البعث السوري على القرار الفلسطيني، مشيراً إلى أن بعض الفصائل الفلسطينية انشقّت عن عرفات عام 1983 بتحريض من حافظ الأسد.