17 سبتمبر 2025

تسجيل

ما بين أستوديو الجزيرة وإستاد بورسعيد تستمر خيباتنا العربية

05 فبراير 2012

ما بين الحنق البغيض كما في حلقة الاتجاه المعاكس على قناة الجزيرة مساء الثلاثاء الماضي إلى بورسعيد المصرية حيث عشرات القتلى ومئات الجرحى في إستاد المدينة الرياضي فالصورة هناك مكبرة لما دار في أستوديو الجزيرة فقد غابت كل قيم الحوار وأدبيات الخلاف وحضرت السياسة بشوائبها لتضاف صورة أخرى إلى هزائمنا العربية فمن يخجل ومن يرعوي. أعتقد لم يكن أحد يعرف للعصا وسطا يمكن الإمساك به، فالكل كان مهاجماً ينتهز لحظات ضعف خصمه ويتحرى الإجهاز عليه في مقتل. فما الذي يجري في مصر الآن بعد أن تهيأت الظروف لبناء المؤسسات وانتظم عقد البرلمان الجديد بعد انتخابات كانت هادئة وناجحة في الإعداد والتنظيم لها. وبلا شك تحييد الأمن وتهميش دوره والتطاول على أجهزته ورجاله جعل الساحة خالية أمام الانتهازيين وأصحاب المخططات والأجندات للجنوح بالبلد إلى مأزق ومخاضات وحلة يستعصي الخروج منها مهما حاولت أجهزة الدولة القيادية العمل للعودة إلى الهدوء والاستقرار. وأعود إلى الفريق ضاحي خلفان قائد شرطة دبي عندما تحدث في أطروحته حول أمن الخليج في المؤتمر المنعقد لهذا الشأن في العاصمة البحرينية المنامة منتصف الشهر الماضي حيث استشهد بمؤازرة مجلس العموم البريطاني لرئيس الوزراء ديفيد كاميرون في جهود حكومته لبسط الأمن بعد حالات الشغب التي اندلعت في بريطانيا الصيف الماضي فقد منح الرجل وأجهزة الأمن في حكومته تفويضاً لمعالجة الوضع مشمولاً بالحصانة لهم فصار أن أخذت المشاغبات نهايتها عاجلاً. ولكن في مصر حيث أتيح للمارقين والخارجين على القانون فرصة النيل العام من رجال الأمن والعمل على تحييد دورهم فاستمرت صور التخريب والاستهتار بأرواح الناس بل وصل الأمر إلى مطالبة المجلس العسكري الحاكم بتسليم السلطة للمدنيين بعد تخلي الرئيس مبارك عن رئاسة الجمهورية وتفويض العسكر بإدارة البلاد فلمن يُسلم المجلس العسكري السلطة في ظروف أصعب وهو القوة الأولى هناك. عموماً الموقف الآن في مصر يستلزم الحزم العسكري بشكل أكبر بل كان الأجدر بالمشير طنطاوي ألا تكون هديته في الذكرى الأولى للثورة إلغاء العمل بقانون الطوارئ بل كان التريث وقتا أطول هو الأجدر لمواجهة الموقف طالما كان الهدف المحافظة على أرواح الناس وممتلكاتهم دون المساس بحرياتهم وكراماتهم. إذا فـ "الأمن" هو الوصفة الأنجع للمرحلة المصرية المقبلة أيا كان هو الرئيس القادم وهويته وميوله فالمشهد في إستاد بورسعيد كان مرعباً في شكله وتبعاته فقد كانت تذاكر المباراة عند البعض تذكرة نهائية للخروج من الدنيا لذلك لا للمجاملة أو التهاون في أمن مصر أو تحميل التبعات للمسؤولين قبل منحهم الصلاحيات اللازمة لضبط الأمن. أعود إلى أستوديو الجزيرة حيث برنامج الاتجاه المعاكس الذي سُجلت في حلقته الأخيرة خيبة جديدة للمشهد العربي فكما جُرح القاهرة الدامي بعد مجزرة بورسعيد إلى دمشق وريفها ومدن سوريا الأخرى النازفة الآن فكانت الحلقة سجالاً لما يجري هناك سوى أن السيد جوزيف أبو فاضل تجاوز حدود المسلمات الإعلامية وذوقيات مواجهة الجمهور فبادر بالهجوم والضرب للدكتور اللاذقاني مسجلاً موقف من نوع خاص للتسويق لميول بعض النخب اللبنانية تجاه ما يجري في سوريا. ورغم اعتراف السيد أبو فاضل بأن اللاذقاني قد استفزه كثيراً وقابل تحيته بالصد وأن الحلقة برمتها كانت موجهة ضده إلا أن اللاذقاني خرج كاسباً من دون ذلك التحشيد فالعقل والحكمة هي الضالة التي أضاعها السيد جوزيف أمام الجمهور كما يستمر الآن نظام بشار في تفويت فرص الحكمة لمعالجة الأمور في بلاده معولاً في ختام الأمر على ورقة الفيتو الروسي والتي لن تصمد طويلاً تبعاً لتاريخ الروس في الكثير من المواقف والأحداث التي وضعت مصلحتهم أمام بقاء حلفائهم فكانت النتيجة المصلحة وذهب الحلفاء كما ذهب صدام وغيره. عموماً الليالي حبلى وصدمتنا في ذوقيات إعلامنا مستمرة وكان الله في عون زميلنا فيصل القاسم الذي أنصحه بدوره في مكافحة شغب اللقاءات وفنون الدفاع عن النفس. [email protected]