إنه الإرجاف

تحدث عنه القرآن الكريم، وشرح معناه علماؤنا الكرام رحمهم الله لما له من خطورة وآثار سلبية على الفرد والمجتمع والأمة، فكم في الإرجاف من ضياع وتضليل! وكم في الإرجاف من أكاذيب! وكم في الإرجاف من تلاعب بالعقول وتشتت الأفكار! وكم في الإرجاف من تعدٍّ على الفطرة! وكم في الإرجاف من تمييع المفاهيم والقيم! وكم في الإرجاف من سقوط في أوحاله! وكم في الإرجاف من شائعات وتخويف وتخذيل وتعويق وتخوين! وكم في الإرجاف من نشر الفتن في المجتمعات المسلمة! وكم في الإرجاف من تعظيم لقوة العدو وقدراته وقد يكون لا شيء! وكم في الإرجاف من تطاول على علماء ودعاة الأمة الربانيين! إنه الإرجاف. فالإرجاف في اللغة: «إشاعة الكذب والباطل» وما أكثر الكذب والباطل في هذا العصر! قال ابن عباس رضي الله عنهما «الإرجاف التماس الفتنة»، قال الليث رحمه الله «أرجف القوم إذا خاضوا في الأخبار السيئة وذكر الفتن، وهم الذين يولّدون الأخبار الكاذبة التي يكون معها اضطراب في الناس». وقال الإمام قتادة رحمه الله «الإرجاف الكذب الذي نافقه أهل النفاق، وكانوا يقولون: أتاكم عدد وعدة». (وَالْمُرْجِفُونَ فِي الْمَدِينَةِ) «هم قوم من المنافقين كانوا يتحدثون بغزو العرب المدينة، وبأن رسول الله صلى الله عليه وسلم سيُغلَب، إلى نحو هذا مما يرجفون به نفوس المؤمنين»، تفسير ابن عطية رحمه الله، وفي تفسير الإمام ابن كثير رحمه الله «يعني: الذين يقولون: «جاء الأعداء» و»جاءت الحروب»، وهو كذب وافتراء»، وفي تفسير الكشاف للشوكاني رحمه الله «والإرجاف واحد الأراجيف، وأرجفوا في الشيء: خاضوا فيه». والعقول المؤجرة لا تستطيع أن تنفك من مستنقعات الإرجاف النتنة حتى تجري عليها كل صور القذارة والأوساخ، وأشد الأعداء خطراً المرجفون، هم سدنة كل رذيلة وفساد وانحلال، والداعون إلى كل سوء (لَئِن لَّمْ يَنتَهِ الْمُنَافِقُونَ وَالَّذِينَ فِي قُلُوبِهِم مَّرَضٌ وَالْمُرْجِفُونَ فِي الْمَدِينَةِ لَنُغْرِيَنَّكَ بِهِمْ ثُمَّ لا يُجَاوِرُونَكَ فِيهَا إِلاَّ قَلِيلا)، وما حلّ الإرجاف في مجتمع إلا صنع فيه أشكال وصور الضياع والعبث، وإذا زحف الإرجاف أتى عليه بأسوأ النهايات والمصائب، إن لم نقف ضده ونصده ونمنعه ونواجهه في زحفه الهائج، وإن التمسك بكتاب الله تعالى وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم العاصم من الإرجاف وأهله المرجفين، وما أكثرهم في عصر الإرجاف!. «ومضة» إنه الإرجاف. وما أكثر الإرجاف في زمن منصات التواصل الاجتماعي إنها فوضى المنصات المرجفة!. إنه الإرجاف