29 أكتوبر 2025
تسجيلقد يحار غير السوريين العرب، خصوصا حين يجدون أن التلفزيون السوري ووكالة سانا للأنباء وغيرها من منظومتهم الإعلامية التي مازالت منذ بداية الثورة السورية عام 2011 وهي تنفخ في أسطوانة الكذب المشروخة عن أخبار وتحليلات ليس لها من واقع الحقيقة شيء، فيزداد هؤلاء هزءا وسخرية وتمتلئ مواقع التواصل الاجتماعي بالتفصيلات المصورة بالفيديو بدقة لتثبت سراب هذا الكذب وأن الغاية المتوخاة منه إنما هي رفع معنويات الشبيحة والجيش اللانظامي، لأن ذلك من أهم أسباب الحرب النفسية ضد العدو، والعدو الحقيقي اليوم ليس الصهيونية، فهي الصديق الحميم والمؤازر وإنما هذا الشعب الصابر الثائر من أجل حريته وكرامته ورغم كل التضحيات الجسام التي لو حسبت مع المقارنة بتجهيزات اللانظام المؤيد دوليا لاعتبر أدنى فعل منها نصرا مؤزرا حياله على الدوام.ولعل فيما نقله التلفزيون السوري قبل ثلاثة أيام (أن السيد الرئيس بشار الأسد ومع دخول العام الجديد زار جنود وصف ضباط وضباط الجيش العربي السوري وقوات الدفاع الشعبي المرابطين على خطوط النار في حي جوبر وجال على النقاط العسكرية التي تواجه الإرهابيين بالبطولات وقدر تضحياتهم للحفاظ على الآمنين وممتلكاتهم وهم بدورهم أكدوا أنهم سيبقون العين الساهرة للذود عن حياض الوطن، معاهدين سيادته على الصمود لدحر الإرهاب).ولدى الاطلاع الحقيقي على المشهد، عرفنا أن تلك الزيارة أولا لم تكن إلى حي جوبر أبداً، بل كانت إلى حي الزبلطاني الذي يبعد عنه خمسة كيلو مترات، وثانيا أن هذا ظاهر في الفيديو المصور، حيث خرجت خلف الصورة لقطة "مبنى مديرية نقل محافظة دمشق" في حي الزبلطاني وليس جوبر! ثم لا يخفى أبداً أن حي جوبر تحت سيطرة الثوار، زرافات ووحدانا، يركبون كل صعب وذلول للدفاع عنه وأن حي الزبلطاني تحت سيطرة اللانظام وأن حي جوبر مقطوع الكهرباء منذ 3 سنوات ولم يبق فيه مبنى إلا وقد تضرر من آثار القصف وهذا ما لم يظهر في الشريط بتاتا. إلى أشياء أخرى لا نريد الاسترسال بها، فقط لأن هذا ديدنه – كما قلت- منذ بداية الثورة ومنذ تصوير الأحداث في قرية البيضاء ببانياس في الساحل وأنها كانت من فعل البيشمركة الكردية وليس من جنود النظام وغيرها كثيرة جدا، لأن هذا شأنهم وقد عرفهم الشعب السوري البطل منذ أكثر من خمسة وأربعين عاما ولكن ماذا يفعل البعض المغلوبون على أمرهم والذين يُروَّعون صباح مساء وكم يقتل منهم ومن غيرهم لأدنى سبب.وإنه حتى في مثل هذه الأسباب القديمة المفبركة، فإنها لم تعد تنطلي على الشعوب العربية وإن كان التلفزيون يصر على ذلك، فقط لتسويق نفسه إعلاميا من جديد ولرفع بعض المعنويات بعد موته من الغيظ الذي لم يعد يحتمل بسبب انكساراته المتلاحقة وانهزام أجناده كالأرانب أمام أسود الثورة الذين أخذ يصورهم كصاحبه القذافي قوارض وسحالي وجرذانا يختبئون في الحفر التي هي شأن أولئك وكان هو قد أخذ صورة سابقا داخل خندق أفما كان يتشبه إذا بالجرذان وهكذا كما يقول المثل: (رمتني بدائها وانسلت)، أو كقول الشاعر الجواهري: لا تنكري ذنبا ولا تستغفري....؟! إن الحرب كر وفر، وإن سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم اتخذ الكهف والغار كسبب للحماية ليعلمنا ذلك وهذا ليس عيبا، بل تدبير عسكري. وإنه يعرف من هو الذي يفر دوما ومن هو الأخلاقي في الحرب من آخرين مع الأسد لا يرعون في مؤمن إلا ولا ذمة، كلهم سارقون ناهبون مرتكبون للفواحش، قاتلون الأسرى بالتعذيب والحرق والسلخ وما وثائق السجن عن آلاف آلاف السجناء عن العالم ببعيدة، فشتان شتان. وإن ما يذاع ويشاع من قبل اللانظام إنما يصدر لوكالات متواطئة وأخرى غير عربية أو إسلامية ولكنها جاهلة أو أجنبية تتلقف دون تمييز ليثبتوا – كما أشرت – رفع المعنوية كما قال نابليون، إنها تعادل تقريبا نصف الحرب مع الأعداء.وقد كتب في هذا بحثا جيدا الأستاذ عدنان نداف في رسالته الماجستير عن الأخلاق السياسية ص 312. وليس لدينا شك أن طلب الأسد التعبئة العامة من عموم الشباب السوري المتبقين في الوطن والذي يتهرب كثير منهم حتى لا يجبروا على ما لا يمكن أن يقتنعوا به ولذلك فرضت اليوم التأشيرة بين سوريا ولبنان لتطويق ذلك من جهة والذين يستطيعون التخلص منه فإنه يُفرح لخروجهم، حيث لا يريد بقية الشباب على الأرض، فربما يقاتلونه. ومن جهة أخرى فإن هذا مكسب لما سمي بحزب الله السوري الإيراني تحت قيادة الحرس الثوري الإيراني الذي أراد الأسد أيضا أن يرفع معنويات نائب رئيسه "حسين سلامي" الذي صرح قبل أيام قليلة أن لديهم جيوشا في سوريا والعراق واليمن تفوق أضعاف جيش حزب الله في لبنان، ليخيف الشباب ويتواءم مع الأسد الذي دعا إلى التشيع في سوريا وحبس آلاف آلاف منهم. إن في قناعتنا أن الظالم الطاغية مهما تمادى فلن يستمر إلى أبد الآبدين وسيأتي اليوم الذي يحاصر فيه كالجرذ كما حوصر القذافي. والكل يعرف كيف أنه يخطب تحت الأرض بقاع القاع ثم يعود إلى قصره! لكن يفعلون ما يفعلون، فلعسى ولعل وزيادة في الفتنة تماما كما تفعل أمريكا اليوم في اعتراضها على البحرين باعتقال علي سليمان رئيس المعارضة البحرينية الشيعية، بينما لم نرها تنبس ببنت شفة أمام أي معتقل من الإسلاميين في مصر! فأمريكا بلد المتناقضات في العالم وهي لا تريد أن تنسحب مجددا من هذا العالم كما قال "مكسيم لوفابفر" في كتابه السياسة الخارجية الأمريكية ص: 177، وكان قد ضرب أمثلة على ذلك، فقال: إن أمريكا قامت بقلب الرجل القوي في بنما "الجنرال نورييفا" عام 1989 لا باسم الديمقراطية وإنما باسم الكفاح ضد المخدرات، وفي عام 1994 تدخلت في هايتي باسم الديمقراطية بعد سقوط الرئيس "أريستين" بالتعاون مع فرنسا، كما فعلت بالقذافي! أفتعجز أن تغير بشار لولا إسرائيل والروس والمجوس؟! وسيوقع الله بأس بشار وزبانيته بينهم كما حدث الأسبوع الماضي بين حزب الله في القلمون وبين الحرس الجمهوري السوري وقتل العديد- وعندها من سينفع "هشام جابر" والمحللين الذين يزعمون الإستراتيجية ودفاعهم عنهم ولن تنتفع بعض شخصيات المعارضة التي تأوي إلى ركن عميل، هو روسيا، من أجل التفكيك والتشتيت وليس من أجل حل القضية، فلا يمكن أن يكون حاميها حراميها، والأسد هو الذي قدم لها ذهب سوريا الاحتياطي وهي آخر مستعمرة لها، فكيف يضحى بها لصالح الثورة!.. ألا فليتق الله كل ذي إيمان بمعتقد نظيف شريف عفيف - وليقف مع ضميره الحي ومع المظلوم وليس مع الظالم إلى أن نرى النتيجة، بإذن الله.