12 سبتمبر 2025

تسجيل

الاختلاف رحمة

05 يناير 2015

googletag.display('div-gpt-ad-794208208682177705-3'); googletag.cmd.push(function() { googletag.display('div-gpt-ad-1462884583408-0'); }); لا شك أن في الاختلاف سعة ورحمة للعباد. للاختلاف أوجه عديدة منها الاختلاف في الذوق والأكل والملبس ويصل إلى اختلاف أوجه الأفكار والآراء وهو نعمة لا محالة، بيد أن البعض يرى في الاختلاف حرمة ونكرانا. وشُرعَ الاختلاف لنا من أجل حكمة وغاية وهي أن نختار ما نميل إليه ونرغب فيه، حيث إن لقراراتنا عواقب وآثار نتحملها وندرك نتيجتها فإذا اختلف شخص ما عن غيره وأخذ طريقاً مختلفاً يهواه ويريده فلا شك أنه مسؤول عنه، وهنا أود أن أقف قليلاً عند أولئك الآباء الذين يجعلون من أبنائهم تابعين لهم غير مكترثين بما يودون ويرغبون صانعين منهم امتداداً لأذواقهم وآرائهم ورغباتهم فلا يأكلون إلا ما يحبون، ولا يعملون إلا ما كانوا هم أنفسهم يعملون غير آبهين باختلاف الأجيال وتغير ثقافة العصر، فعلى سبيل المثال إن كان الأب لا يأكل طعام السوشي، فهو لا شك محرَّم ومكروه لابنه حتى وإن كان لديه شغف بالتجربة، وأنا هنا لا أتحدث عن الاختيار في الثوابت والعقائد مع أنها أتت لنا ببعض الاختلاف من باب الرحمة لتسع رحمة الخالق الناس جميعاً فالقراءة خلف الإمام لدى الشافعية فرض في كل الصلوات الجهرية والسرية، بينما هي مكروهة عند الحنفية ويراها الوسطيون مشروعة في الصلاة السرية وليست كذلك في الصلاة الجهرية امتثالاً لما جاء في صحيح مسلم ( وإذا قرأ فأنصتوا) من المهم جداً ألا نحوّل الاختلاف إلى خلاف وألا يصبح المختلِف عنا عدواً لنا وألا نصنع من أصحاب الرأي المغاير لآرائنا شواذاً نكرههم ونحقد عليهم قد يصنع الاختلاف عند أيٍّ منا إبداعاً ربما لم تره عيناك أيها الأب أو أيتها الأم يقول تعالى "وَإِنَّ فِيْ ذَلِكَ لآَيَاتٍ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ" هي دعوة لك بأن تفكّر وتبحث وتطرق أبواباً عدة لا أن تصبح مقلِّداً لغيرك وكأنك لم تكن! الاتباع الحسن واجب علينا فنحن نتبع خير الخلق جميعاً محمد صلى الله عليه وسلم ولنا فيه عبرة وحكمة، ألم يأمر أسامة بن زيد بقيادة جيش المسلمين وهو لم يتجاوز الثامنة عشرة من عمره؟ ألم يُرسل معاذ بن جبل رضي الله عنه وهو شاب لدعوة أهل اليمن وهو يعلم أنهم أهل كتاب؟ أليس في ذلك اختلاف عن كل ما هو شائع؟ إذا وجدت ابنك يرغب في تعلم علوم جديدة أو يريد أن يسلك طرقاً مختلفة فلا تمنعه وإنما ساعده بدلاً من أن تكسره فلا تدري قد ينفع الله به وطنه وأهله. احذر من أن تصنع منه تابعاً لك ومن ثم تعاتبه بأنه أصبح اتكالياً غير معتمد على نفسه مع أنك لم تزوّده بما يلزم ويحتاج. الاختلاف حكمة فليس كل الأبناء أو الإخوان في نفس المستوى التحصيلي أو حتى الاجتماعي لكنك إن ساعدتهم على تحقيق أهدافهم المختلفة فستجد ألواناً ونماذج متميزة في محيط أسرتك. الاختلاف رحمة للبائع والمشتري فاختلاف الأذواق يُربح الطرفين ويُسهم في رزق العباد. أخيراً لا تخلق من الاختلاف عداوة وبغضاء وإنما عزِّز المفهوم الحق لبيتك وتأكد من أن في الاختلاف رحمة.