26 أكتوبر 2025

تسجيل

اليوم الوطني أم ذكرى الاستقلال؟.. قطر نموذجا

05 يناير 2015

googletag.display('div-gpt-ad-794208208682177705-3'); googletag.cmd.push(function() { googletag.display('div-gpt-ad-1462884583408-0'); }); في مثل هذه الأيام من كل عام يستدعي الشعب السوداني ذكرى الاستعمار الثنائي على السودان 1889م - 1956م لدرجة أن المراقب للمشهد العام السوداني يظن أن هذه الدولة ولدت بعد الاستقلال بينما الكثير من دول العالم ودعت أحزان الماضي وجعلت لشعبها يوما وطنيا يرتكز على ماضي هذه الدول وآخرها على سبيل المثال دولة قطر التي استلهمت من تاريخها يوما أعادت فيه قطر أمجاد تاريخها واعتبرت يوم 18 ديسمبر من العام 1878 يوما وطنيا سطره المؤسس طيب الذكر الشيخ جاسم بن محمد بن ثاني.وبالرجوع إلى تاريخ السودان القديم نجده من أكثر الدول التي تعاقبت عليها كل أنماط الحكم الملكي والسلطاني والجمهوري ومن السهل جدا على الساسة والرموز الوطنية اختيار يوم وطني من الماضي استنادا إلى ما أثبتته الحفريات الأثرية بأن إنسان السودان عاش منذ العصر الحجري 8000 عام قبل الميلاد ووجدت جماجم تعود لجنس زنجي متحضر سكن منطقة الخرطوم وآخر سكن الشهيناب على الضفة الغربية للنيل ازدهرت حضاراتهما حوالي 3800 ق م وعثر على هيكل لجمجمة إنسان عثر عليها صدفة عام 1928 م، في سنجة بولاية النيل الأزرق، عرف بإنسان سنجة عاش في العصر الحجري البلستوسيني وتزامن مع وجود إنسان نياندرتال كما عرف السودان بأرض الممالك النوبية منذ مملكة كوش وعاصمتها مروي في شمال السودان ما بين القرن السادس قبل الميلاد إلى القرن الرابع الميلادي في عهدها عرف السودان نظم الإدارة وبناء الأهرامات والتعدين والصناعات، ثم تلت ذلك الممالك المسيحية التي بلغت نحو 60 مملكة أبرزها نبتة في الشمال وعاصمتها فرس والمغرة في الوسط وعاصمتها دنقلا العجوز ومملكة علوة في الجنوب وعاصمتها سوبا. السودان الحديث استمد اسمه من موقعه الحالي فقد كان يطلق في الماضي هذا الاسم على كل المناطق التي تقع جنوب الصحراء الكبرى وقد عرف العرب السودان قبل دخول الإسلام في العام 31 من الهجرة النبوية الشريفة في عهد الخليفة عثمان بن عفان ووالي مصر عمرو بن العاص، كما تدل الوثائق القديمة ومن بينها اتفاقية البقط التي أبرمها عبد الله بن أبي السرح مع النوبة في سنة 31 هجرية لتأمين التجارة بين مصر والسودان، وقيل قبل ذلك لأن الاتفاقية تضمنت الاعتناء بمسجد دنقلا، ومن المشهود أن جماعات عربية كثيرة هاجرت إلى السودان واستقرت في مناطق البداوة في أواسط السودان وغربه ونشرت معها الثقافة العربية الإسلامية. وازدادت الهجرات العربية إبان الفتوحات الإسلامية، وجاء إلى السودان العلماء المسلمون، وقامت ممالك وسلطنات إسلامية مثل السلطنة الزرقاء أو مملكة الفونج (1505-1820) م وعاصمتها سنار، وسلطنة الفور في الغرب (1637-1875) م، واستقر حكمها في الفاشر، ومملكة تقلي في جبال النوبة (حوالي 1570-إلى أواخر القرن التاسع عشر تقريباً) إضافة إلى ممالك أخرى مثل مملكة المسبعات في كردفان، ومملكة الداجو ومقر حكمها كلوا في الغرب الأقصى ومملكة البجا وعاصمتها هجر في الشرق. ثم الحكم التركي في سنة 1821 عندما أرسل محمد علي باشا خديوي مصر العثماني حملة عسكرية لاحتلال السودان. نجحت الحملة في ضم السودان حتى مناطق الاستوائية جنوباً وكردفان غرباً حتى تخوم دارفور وسواحل البحر الأحمر وإريتريا شرقاً. وكان لمحمد علي وخلفائه دور فاعل في تشكيل السودان ككيان سياسي على حدود مقاربة لحدوده الحالية. عرفت هذه الفترة في التاريخ السوداني بالتركية السابقة.ثم الثورة المهدية 1885 - 1898 م، لتبدأ مرحلة الاستعمار، حتى العام 1956 حيث تم وضع السودان تحت إدارة الحكم الثنائي بموجب اتفاقية عام 1899 م، بين إنجلترا ومصر التي نصت على أن يكون على رأس الإدارة العسكرية والمدنية في السودان حاكماً عاماً إنجليزياً ترشحه حكومة إنجلترا ويعينه خديوي مصر. وتمتع الحاكم العام بسلطات مطلقة في إدارة السودان.بلد مثل السودان وبكل موروثاته ومكوناته ألا يجدر به أن ينهض من كبوته وينفض عنه رداء المستعمر واجترار سنوات الذل والهوان ويستدعي من ذاكرته يوما وطنيا يجمع عليه أهل السودان؟.