15 سبتمبر 2025
تسجيلغادر الرئيس علي عبدالله صالح كرسي الرئاسة اليمنية بعد سنوات طويلة ومظاهرات حاشدة في مبادرة خليجية أعلنت في أبريل 2011م لتهدئة ثورة شباب اليمن المتزامنة مع الربيع العربي وترتيب نقل السلطة في البلد الذي يوصف بـ "اليمن السعيد" سوى أن الأحداث المتتالية بين جبال اليمن وسهوله لا تشي عن سعادة ملموسة تطال العموم بين ذلك الشعب المنهك حسب ملامحه واقتصاديات بلاده وتمترس بعضه بالسلاح المؤدلج بالأفكار التي لا تصب في مصالح البلد ولا محيطه الإقليمي ولا تتفق مع طموح الشعب هناك ولا مستقبله السياسي والاقتصادي , فاليمن له خصوصيته في تفاعلاته وتطلعاته التي لا يمكن احتواؤها بسهولة ضمن مظلة تمحور موحدة , فالميول السياسية هناك متنوعة وكذلك التبعيات الفكرية الواسعة التي ترسخت في اليمن في ظل غياب الوحدة الوطنية التي لم يستطع نظام صالح طويلاً احتواء هذه الوجهات أو حتى مجرد التأثير فيها لصناعة سياق وطني واحد يضمن أمن اليمن وإقليمه؛ فاليمن وفقاً لطبوغرافيته وديموغرافياته واقتصادياته العاثرة ورغم ما ضخ إليه من معونات ومساعدات ظل ساحة آمنة للجيوب ذات الميول الفكرية المتآمرة والتي لا تتوافق مع ميول الإقليم ومستقبله؛ فقد كان نظام علي عبدالله صالح وآليات أداء حكمه الطويل جزءا من محفزات الجنوح العام نحو الحالة اليمنية المتأزمة والتي تُصدر أيضاً العديد من الأزمات إلى محيطها؛ فقد انشغل الرجل بالتجاذب السياسي الداخلي للحفاظ على مساحة أكبر في الحكم الاستحواذ على المكتسبات؛ وكانت المدمرة الأمريكية "يو إس كول" سواء في مجرد وجودها في الموانئ اليمنية أو حتى تفجيرها في 12 أكتوبر عام 2000م إشارة ضمنية تلفت أنظار العالم إلى هذا الجزء القلق والمتوتر سوى أن "الشق أكبر من الرقعة" على رأي مقولتنا الخليجية , فالسلاح هناك يباع كما يباع المتاع ويغط الشعب في مقيل يومي يفصله عن العالم وأحداثه؛ بل تدفع الحاجة إلى شراء القات استنزافاً لموارد الأفراد والبلد وتُدخل الجميع في دوامة الاستنزاف والاستدراج والاستغلال من جهات تجيد الاصطياد في الماء العكر مستغلة بساطة فكر المجتمع وحاجته؛ رغم أن لليمن تاريخا زاهرا ومرت عبر بوابته حضارات وأقوام وليس أكثر تبجيلاً للبلاد وأهلها سوى مقولة سيدنا المصطفى عليه أفضل الصلاة والسلام حين قال "الإيمانُ يمان والحكمة يمانية" , وخلاصة القول أن احتواء اليمن مهمة عالمية ومبادرة الدول الخليجية يجب ألا تفتر ولابد أن تشمل عموم اليمن حكومة وشعباً بما يحقق الكفاية ويعيد وصفهم السعيد إليهم وأن تصل الأمور إلى صيغ توافقية مع كل الأطراف هناك ضماناً لسلامة البلاد وخلوها من جيوب التمترس ودكاكين المصالح وأن يصار إلى الاستفادة القصوى من طاقة العمل في اليمن بأسلوب عملي واستثماري كبير , كما أن على دول الخليج العربية التي أعلنت سابقاً ضم اليمن إلى مجموعة التعاون الخليجي أن تستعجل حيثيات هذا الانضمام وفق ما يحقق لليمن استقراره وانسجامه مع دول المنطقة وشعوبها قبل أن تستمر البلاد نهبا للميول المتحفز بما لا يعود على المنطقة بالخير مثلما هو حاصل الآن من وجود المرتزقة وحملة السلاح لصالح دول ووجهات ذات أهداف مخلة , ويبقى على الإخوة في اليمن أحزابا وجماعات أن يستعيدوا زمام أمورهم والتفافهم حول قيادة بصيرة بمستقبل بلادهم؛ وأن يستعيدوا حكمة ملكتهم "سبأ" حينما استجابت لرسالة سيدنا سليمان واستشارت قومها الذين وصفهم الهدهد بأنهم أولي قوة وبأس شديد؛ فصار أن ذهبت لسليمان مؤمنة طائعة وهو ما يبرز الحكمة في الموقف؛ وهو مبتغى المرحلة الآن في اليمن لتجاوز ظروف التغيير والمضي بالبلاد نحو الصلاح والخير.