11 أكتوبر 2025
تسجيلعندما كنا ندرس في بريطانيا وأمريكا كان الطلبة يتحلقون من حولنا لمعرفة ماهية العالم القديم عالم ألف ليلة وليلة. والجني وتلبيته ثلاث رغبات لمن يخرجه من القنينة. عالم البدو والخيام وسحر المشرق، وكنا ندافع ونقول نحن اليوم لدينا المدن والكهرباء والسيارات، نحن نعيش في مدن عصرية، ولكن صورة المشرق مازالت قائمة في أذهان الناس. ولم يكونوا على استعداد للتخلي عنها بسهولة. ومرت الأيام والسنون حتى بدأت الأحوال في التغير. لدرجة مائة وثمانين درجة. فاليوم من يريد زيارة العالم القديم عليه بالسفر لأوروبا. حيث المدن القديمة والقصور ومن فرساي إلى ونزر. أصبحت أوروبا متحفا مفتوحا. ومن أراد حتى السياحة والتمتع بكل ما هو حديث فعليه التوجه لدوبي وأبوظبي والدوحة وغدا الرياض. نعم أصبح المشرق العربي هو محط الرحالة الطالبين كل ما هو حديث وعصري. من ناطحات السحاب إلى الأبراج اللامعة. وخلال الخمس سنوات القادمة سيكون بمقدور الزوار ركوب أحدث قطارات الأنفاق والقطارات التقليدية. وستكون المطارات والموانئ هي الأحدث في العالم. وسيتبعها المستشفيات ومراكز الأبحاث. لقد تغير العالم وبعد أن كان من الصعب شرح أن الإنسان العربي لم يعد يعيش في الخيام وغيرها. وإن كان الإنسان العربي قبل ذلك يعيش في المدن ولكن الصورة لدى العالم هي أناس تعيش في خيام في الصحراء. تلك هي الصورة وإن كانت في معظم جوانبها رومانسية. إلا أنه لم يكن من الممكن تغييرها. فأما العربي يعيش في الصحراء وفي خيمة أو يعيش في بيت في الفناء ولا يمكن إقناع من حولك أن الأوضاع ليست كرتونية. بل هي في أذهانهم واقعية. ولكن اليوم أصبحت صورة المنطقة مغايرة لما كانت عليه. وأصبحت فكرة الآخرين مختلفة تماما. خلال السنوات الماضية عملت دول الخليج خاصة على تحديث بنيتها التحتية وشيدت من الأبراج ما جعل العالم ينبهر بها وانتشرت مناظر تلك الأبراج. ولكثرة الشركات التي عملت في تشييد تلك الأبراج أصبحت الفكرة هي أن العالم الجديد هو المشرق والعالم القديم هو أمريكا والغرب. تغيرت صورة العالمين الغربي والعربي. ويا له من تحول لم يكن ممكنا تخيله قبل أقل من عشرين عاما. وكل هذا بفضل النمو الاقتصادي ورؤية أهل المنطقة. وما هو قادم سوف يجعل من المنطقة محط اهتمام العالم وذهوله. هكذا تصبح صورة العربي صورة بشر متقدمين قادرين على إدارة بلدانهم ولا تعود إسرائيل أو غيرها قادرة على تشويه صورة العربي أو خلق صورة له تمكن من جعله لا يستحق أن يدير شأنه. تلك الصورة مسحت وهذا سيمكن الأمة من المطالبة بحقوقها. وسوف يقف العالم معها لأنها متقدمة وقادرة على خلق مستقبل منير. تلك المقولة القديمة التي اعتمدت عليها إسرائيل في استمالة العالم لأنها دولة متقدمة والعرب متخلفين لم تعد صالحة. كل ما تستطيع قوله اليوم هو نظامها الديمقراطي ولكن حتى هذا لم يعد مقنعا. فنحن نستطيع القول أن لدينا عمالا وخدما لديهم ديمقراطية فالخدم لدينا هم من يختارون ممثليهم. ونحن نعيش في بحبوحة من العيش أفضل منهم. ومستوى المعيشة أفضل منهم. والمستوى التعليمي يفوق تصوراتهم. نعم حياة أفضل وكل ما يحيط بنا أفضل. فهم لا يملكون التقنيات الحديثة. وهم يأتون إلينا ليتعلموا ما يدور في العالم وليتمتعوا بما تجود به بلادنا. ثم يذهبون لتصويت في بلدانهم. إذا ليست الديمقراطية حكرا على إسرائيل. معظم العالم يمارس الديمقراطية. والمنطقة العربية اليوم تؤمن أن مصدر السلطات هو الشعب. إذا لا قصب فوز لإسرائيل علينا. فالنظم العربية تعمل من أجل خلق نظم ديمقراطية تعطي المواطن حقوقه في اختيار ممثليه. مثل الخدم العاملون لديه في شركته ومنزله. وإن كان هناك بعض التلكؤ إلا أنه حتمي. وغير قابل للمساومة فكما أن الحياة المادية تحتاج للتحديث فالحياة الاجتماعية تحتاج للتحديث وكما الحياة السياسية تحاج للتحديث. كل هذه العناصر مرتبطة بعضها البعض وتغول عنصر على العناصر الأخرى يخل بالتوازن. يبقى عنصران: الاجتماعي وهو ينقاد بفعل التغير المتسارع. والشق السياسي الذي لابد من التعامل معه. والذي ظلت المنطقة مشوهة فيه، فجانب هي مثال التحديث والعصرنة بل تشق طريق المستقبل. وفي جانب آخر هي متخلفة عن ركب الأمم وخاصة في كرامة الإنسان.