19 سبتمبر 2025

تسجيل

الاقتصاد التونسي يدفع ثمن الارتباط بأوروبا

05 يناير 2011

دهش البعض بسبب المظاهرات التي شملت عددا من المدن التونسية احتجاجا على معدلات البطالة المرتفعة والتي تجاوزت 14 %. وجاءت الدهشة بسبب ما لمسه هؤلاء من إشادة متكررة من قبل المؤسسات الدولية بمعدلات النمو التي تحققها تونس إلى حد إطلاق تعبير المعجزة التونسية على تجربتها. بينما رأى آخرون أنه إذا كان هناك نمو قد حدث خلال السنوات الماضية بالاقتصاد التونسي إلا أنه لم يصحبه عدل في توزيع ثماره بين الأفراد والجماعات. وبين الشمال الساحلي المستحوذ على معظم الاهتمام وبين الوسط والجنوب الأقل اهتماما. ويعترض بعض سكان الشمال التونسي على ذلك التفسير. ويرون أنهم بدورهم محرومون من ثمار النمو بدليل ارتفاع معدلات الفقر والبطالة والديون بينهم. وأن من يحظون بالثروة بالشمال قلة ترتبط بالحزب الحاكم والأسرة الحاكمة تميزهم بالثمار خاصة مع عمليات الخصخصة التي تمت خلال العقدين الماضيين. إلا أن هناك إجماعا بين كل الأطراف على أن هناك تراجعا ديمقراطيا حادا في بلد لم يشهد منذ استقلاله في الستينات من القرن الماضي سوى رئيسين مازال أحدهما بالسلطة. ويشير الحساب الجاري التونسي لوجود عجز تجاري مزمن يقلل من أثره وجود فائض دائم بالميزان الخدمي بسبب إيرادات السياحة. إلا أن العجز بميزان الدخل وقلة التحويلات الخاصة والعامة قد ترتب عليه وجود عجز مزمن بالحساب الجاري. ويشير التوزيع النسبي لموارد ميزان المدفوعات التونسي خلال عام 2009 والبالغة 27 مليار دولار. إلى تصدر الصادرات السلعية بنسبة 53 % تليها الاستثمارات الأخرى من القروض بنسبة 11 %. والسياحة 10 % وحصيلة الدخل من فوائد على الودائع والاستثمارات بالخارج 8 %. والاستثمار الأجنبي المباشر 6 % وخدمات النقل 5 % والخدمات الأخرى بخلاف السياحة والنقل 4 %. والمتحصلات الحكومية 1 % وكل من التحويلات الرسمية والتحويلات الخاصة بنسبة نصف بالمائة لكل منهما. وعلى الجانب الآخر تضمن التوزيع النسبي لمدفوعات ميزان المدفوعات لاستحواذ الواردات السلعية إلى 71 % من الإجمالي. ومن خلال صغر حجم موارد ميزان المدفوعات تتضح ملامح الصغر على الاقتصاد التونسي الذي يتكون من 11 مليون نسمة يمثلون المركز 77 دوليا. كما تقل قوة العمل به عن أربعة ملايين شخص. كذلك تحتل مساحة تونس البالغة 164 ألف كيلو متر مربع المرتبة 92 عالميا. كما بلغ الناتج المحلى الإجمالي بسعر الصرف عام 2009 أقل من 40 مليار دولار بالمركز 77 دوليا. وكان من الممكن أن توفر له تلك المساحة والسكان في ظل عدم وجود مناطق نزاعات مع الجيران مثل غيرها. وقربها الجغرافي من أوروبا ونسبة الاكتفاء الجيدة من الوقود وما شهدته قوانينها الاقتصادية من حرية. تحقيق نموذج اقتصادي مختلف عربيا وإفريقيا. إلا أن القرب الجغرافي من أوروبا والعلاقات التاريخية مع المستعمر الفرنسي قد أسفرت عن ترابط اقتصادي كبير بينها وبين أوروبا. تعبر عنه خريطة التجارة الخارجية والسياحة والاستثمارات الأجنبية المباشرة والتحويلات الواردة إليها. حيث يشير التوزيع النسبي للصادرات التونسية عام 2009 لاستحواذ أوروبا على نسبة 76 % من الإجمالي. مقابل نسبة 12 % للعرب الذين يتكونون من أربع دول عربية فقط هي ليبيا والجزائر ومصر والمغرب بحكم القرب الجغرافي. ثم يتدنى النصيب ليصل لأقل من 4 % لآسيا غير العربية و3 % لأمريكا الشمالية و2% لإفريقيا غير العربية. وتتضح الصورة أكثر من خلال نصيب الدول الخمس الأكبر بالصادرات باستحواذ فرنسا على 30 % منها. وإيطاليا 21 % وألمانيا 9 % وليبيا 6 % وإنجلترا 5 %.. ولم تختلف الصورة مع الواردات باستحواذ أوروبا لنسبة 72 % من الإجمالي. وآسيا غير العربية 11 % والعرب 9% وهم هنا ست دول فقط. و7 % لأمريكا الشمالية.وأقل من نصف بالمائة لإفريقيا غير العربية. ويتكرر ذلك بوضوح بخريطة السياحة الواردة لتونس خلال عام 2009. حيث استحوذ الأوروبيون على نسبة 54 % ودول المغرب العربي ليبيا والجزائر والمغرب على 44 %. ثم يتدنى نصيب باقي مناطق العالم إلى أقل من 1 % لمنطقة الشرق الأوسط ونصف بالمائة لأمريكا الشمالية. وهكذا يفسر الارتباط بأوروبا ما حدث من تراجع اقتصادي في تونس بسبب تأثرها بالآثار السلبية للأزمة المالية العالمية على أوروبا وما حدث بها من انكماش وبطالة مرتبة وارتفاع للمديونية. وكانت النتيجة خلال عام 2009 في تونس تراجع معدلات النمو وانخفاض الصادرات السلعية وعدد السياح والإيرادات السياحية والاستثمار الأجنبي المباشر واستثمار الحافظة وتحول فائض الموازنة إلى عجز. مما أثر إلى جانب الفساد والمحسوبية على معدلات التشغيل وزيادة البطالة.