10 سبتمبر 2025
تسجيلقيمة الإنسان ما يقدمه من مشروع نافع لأمته ولمجتمعه، وأصحاب المشاريع الحية في أمتنا كثير كالنهر المتدفق الذي لا ينضب، ومن هؤلاء الكبار فقيه الحضارة ومفكرها مالك بن نبي، الجزائري المولد رحمه الله، عاش لمشروعه خدمة لدينه الإسلامي ووطنه والإنسانية، ودفع به في هذه الحياة وحركتها، فكان لمشروعه الحياة والتداول، كما كان أعلام هذه الأمة في مشاريعهم الحية. ففي العام 1973 الحادي والثلاثين من شهر أكتوبر، وفي مثل هذه الأيام غادر الحياة، وتأتي ذكرى وفاته رحمه الله وما زال صيته ذائعاً واسمه متداولاً، وما انتجه من أفكار ورسائل ومؤلفات حضارية إصلاحية، فهو رحمه الله من رواد الإصلاح العملي الإيجابي في العالم الإسلامي، فقد صنع لمجتمعه وأمته مشروعاً حضارياً فكرياً نهضوياً، وعاش لمشروعه وأعطاه من وقته المتسع الكثير إلى أن وافته المنية رحمه الله. فارفَعْ لنفسكَ بعدَ موتكَ ذِكْرها **** فالذكرُ للإنسانِ عُمرٌ ثاني إن مالك بن نبي -رحمه الله- قدّم للأمة وللإنسانية الفكرة الإسلامية بقوة وأحسن عرضها، وهي تُشكل رافداً وزاداً يقف في وجه الأفكار ومساحات التغريب والإلحاد والإباحية الشرسة في زمانه وحتى في هذه الأيام. وحتى يوم أن كان في باريس لم يتنصل عن معتقده وإيمانه واعتزازه بدينه، فهو مثال عملي يُحتذى به رحمه الله، وحاولت دولة الاستعمار والدمار الفرنسي الحاقدة على كل ما هو إسلامي احتواءه واحتضانه وإغراءه إلى فكرها العفن، ولكنه، رحمه الله، ظل صامداً ثابتاً على مواقفه وتمسكه بدينه ومعتقده الصحيح، وواجه وما يدعو إليه بثبات راسخ وعزم وإيمان قوي، حتى أن الاستعمار الفرنسي لبلده الجزائر عزل والده عن عمله، تهديداً لابنه مالك رحمهما الله. وقد دعا مالك بن نبي، رحمه الله، الأمة الإسلامية إلى التحرر من الاستعمار بكل مساحاته، والعودة إلى الاستمداد من مفهوم الإسلام الأصيل بالتوحيد الخالص النقي بعيداً عن كل وثنية غربية وماديتها الإباحية الساقطة في أوحال الرذيلة. وجاهد فقيه الحضارة مالك بن نبي، رحمه الله، بكل ما أوتي من طاقة من بيان وقلم وباللسان، ولم يضيع حياته ووقته في فوضى الصراعات والمناقشات والجدال الذي لا طائل منه ولا منفعة للأمة. ولم يطلب يوماً زعامة ولا شهرة ولا مكانة دنيوية، عاش لله تعالى ولدينه ولأمته مدافعاً عن حضارته الإسلامية المدافع الصادق المستميت رحمه الله، ولذلك حاربه الاستعمار الفرنسي الحاقد منذ ذلك اليوم وحتى هذه اللحظة، فحقده على كل ما هو إسلامي لا ينتهي. ومن روائعه رحمه الله: * " لا يقاس غنى المجتمع بكمية ما يملك من أشياء، بل بمقدار ما فيه من أفكار". * "إنها لشريعة السماء، غيِّر نفسك تغير التاريخ". * "نحن نستورد أدوات المدنية لكن لا نتعامل معها بشكل حضاري". * "ليست المشكلة أن نعلِّم المسلم عقيدة هو يملكها، وإنما المهم أن نرد إلى هذه العقيدة فاعليتها، وقوتها الإيجابية، وتأثيرها الاجتماعي". * " لكي لا نكون مُستعمرين يجب أن نتخلص من القابلية للاستعمار". * "ومهما يكن، فإنّ الإنسان لا يفقد في أيّ ظرف كان، ما خصّه الله به من تكريم". * " إن الاقتصاد ليس قضية إنشاء بنك وتشييد مصانع فحسب، بل هو قبل ذلك تشييد الإنسان وإنشاء سلوكه الجديد أمام كل المشكلات". * "ومن سنن الله في خلقه أنه عندما تغرب الفكرة، يبزغ الصنم”. "ومضة" رحمك الله يا فقيه الحضارة، مالك بن نبي، وجزاك الله خيراً على ما قدمته لدينك وأمتك!. [email protected]