15 سبتمبر 2025

تسجيل

حوادث السعودية .. ودعوة لتعميم مفهوم السلامة

04 نوفمبر 2012

بينما كان العالم أجمع يتابع تداعيات إعصار ساندي الذي ضرب شرق الولايات المتحدة وخلف وراءه جملة من الخسائر في الأرواح والممتلكات , كانت بلادنا السعودية تُفجع بثلاث حوادث مروعة أولها حادثة حريق الحافلة على طريق قطر الاحساء والذي راحت ضحيته حرقاً سبعة أرواح , ثم حادثة إطلاق النار من أحد المبتهجين أصابت أحد خطوط الكهرباء الهوائية لتسقط " كيبل الكهرباء " وسط  حفلة العرس بهجرة عين دار غرب مدينة بقيق النفطية شرق المملكة والذي تحول بسببه العرس إلى مأتم كبير جراء مقتل أكثر من ثلاثين ضحية من النساء والأطفال ممن تجمعوا في مكان الحفلة في تلك الهجرة , صعقوا بقوة الضغط الكهربائي والتدافع للخروج من مقر الحفل والذي كان عبارة عن حوش شعبي في أحد بيوت الهجرة , ويقصد بمسمى الهجرة " التجمع السكني لأبناء البادية " وتنتشر الهجرة في عموم المملكة ضمن برنامج توطين البادية الذي عملت لأجله الحكومة السعودية مبكراً لغرض تسهيل إيصال الخدمات من تعليمية وصحية وغيرها إلى السكان بعد أن كان أبناء البادية لا يستقرون في مكان بحثاً عن مواطن الماء والرعي , سوى أن نمطية الحياة العصرية فرضت مثلك تلك التجمعات بصورة مبسطة تجمع بين الموروث ومقومات الحياة الحديثة بيد أن بعض العادات السلبية كعادة إطلاق النار في الأعراس ابتهاجاً بالمناسبة تظل ضمن الموروث المغلوط في مفهومه وممارسته وهو ما أفضى إلى مثل ذلك الحادث المؤلم ونتائجه في ظل غياب منظومة من الوعي والخدمات , أما الحادث الأبرز فكان انفجار شاحنة نقل الغاز في الطرف الشرقي للعاصمة الرياض صباح يوم الخميس الماضي إثر ارتطام الشاحنة بقاعدة خراسانية لأحد الجسور تفادياً لحادث مروري في الموقع فنتج عن ذلك وفاة 24ضحية و أكثر من 130  مصاباً كما شكلت الأضرار المادية للحادث حجماً كبيراً من الخسائر في دائرة قطرها 600 متر من مركز الحادث , وجملة تلك الحوادث مقارنة بإعصار ساندي وما ما قامت به السلطات الفيدرالية الأمريكية من احتياطات استباقية للحد من خطورة الإعصار وأضراره تبرز مدى الفرق في مستوى الاحتياطات للحدث , سوى أن احتياطات السلامة الفردية والعامة لدينا لم تكن بذلك القدر من الكفاءة التي تمنع أو تحد من حجم الأضرار في مثل تلك الحوادث حتى وإن كانت ذات صفة فجائية يحكمها قضاء الله وقدره , فغياب ثقافة التجمعات والتزامها بالمقاييس الخاصة بشروط السلامة هي المحك للخروج من مثل تلك الكوارث بأقل الخسائر , وحيث لا تزال العديد من مجتمعاتنا تسمي جهاز الدفاع المدني لديها بـ " المطافي " دون أن تتعاطى معه كمنظومة متكاملة ومستمرة لمنع الحوادث والحد من أضرارها بتعميم اشتراطات السلامة والالتزام بها عملياً في كل مجالات الحياة بل وتعميمها كثقافة تلازم سلوكيات الناس , فتجد الإهمال والتراخي في أخذ الاحتياطات في جانب السلامة سمة بارزة في معظم سلوكياتنا بما فيها قيادة السيارات وكسب مهارات التعاطي مع الطوارئ وامتهان السرعة وإهمال الصيانة الدورية ومخالفة تعليمات المرور مما صنف بلدنا ضمن قائمة الدول الأشد تضرراً من حوادث السير وملحقاتها حيث سجل في عام 2011 م أكثر من 540 ألف حادث مروري مخلفة 7 آلاف قتيل أو يزيدون , عموماً يبقى للتعامل مع الكوارث الطبيعية والحوادث منهجية عامة تأتي الثقافة العامة في مقدمتها إضافة إلى تأهيل الناس والفرق الخاصة لمواجهة مثل تلك الظروف حفاظاً على حياة الناس وسلامتهم وتأمين أمنهم بالقدر الممكن وهو ما يدعونا إلى التأكيد على تعميم دروس السلامة في المدارس وإقرار خطط إنقاذ لكل بيت وتدريب الأسر على الإخلاء وتعميم هندسة السلامة في المنازل والتجمعات واشتراطها في تراخيص البناء والتأسيس وكذلك المناسبات مع تبديل منهجية ومفهوم المطافي إلى الدور الأساسي لها وهو الدفاع المدني بمفهومه الشامل مع تبادل الخبرات بين دولنا الخليجية في هذا المجال مع الاستفادة من تجارب العالم أجمع . وأخيراً نسأل الله الرحمة للمتوفين والشفاء للمصابين في كل الحوادث وتبقى الشدائد محطات عبر للجميع .