10 سبتمبر 2025
تسجيلفي نص "سما هاني" يرسم محمد علي عبدالله عالماً مرعباً يسوده الفساد والإجرام والدمار.. عالم الرق وسلب كرامة الإنسان . عالم العبودية والذل . وكيف ان الأمر قد تمثل ايضاً بإطار الدين . وكيف ان الواقع قد ساهم في قتل الإنسان معنوياً عبر الإخصاء كل هذا الإطار من التداعيات غلفت واقع العديد من الأجيال في مدينة "زنجبار" فإذا كان "محمد علي عبدالله" قد احضر "فرج" وألقاه هنا في منطقة قريبة مجهولة منا . ولكنه جزء منا .. فإن – سواكن – قد ذهب الى هناك وعرى واقع الحكم العربي هناك . وعرى الظلم . ظلم العبودية والرق ، وقسوة الإنسان على أخيه الإنسان . هنا .. أيضاً .. محمد علي عبدالله – يعزف على ذات الاطار .. تجارة العبيد ، معاناة الإنسان من جراء بطش أصحاب رؤوس الأموال ، والمكان هنا .. مع عدم تحديده . ذو دلالات عدة – ظويلم – وللمفردة معناها . ولا اعتقد ان الكاتب قد استحضر الاسم هباءً . نعم لم يحدد المؤلف المكان .. ولكن بداهة من خلال السرد أو السارد . يكون الأمر قريباً من المعنى .. مدن عدة تتقارب في المنطقة . عاشت ذات الإطار . قوامها على لقمة مغموسة بمعاناة الإنسان .. عالمه بين البحر والبحر .. بين صيد السمك والغوص الى الأعماق . كانت نسخة بالكربون .. معاناة الإنسان . يتساوى في هذا كل المدن أو القرى ذات الإطلالة على مياه الخليج . وهذا ما غلف لاحقاً إبداعات الشعراء بعدد من القصائد التي تمثل صرخة في وجه الظلم والطغيان . سواء كان بدر شاكر السياب ، محمد الفايز ، علي عبدالله خليفة ، قاسم حداد ، عبدالرحمن المناعي وغيرهم . في رواية "فرج" نحن بإزاء كاتب .. يرسم بالكلمات كما يرسم بالريشة الظل والنور.. كاتب يفجر منذ إبداعه الأول عالماً آخر . عبر لغة جميلة .. بسيطة .. ورسم رائع لكافة شخوص العمل . ومن ثم تسلسل يدفع القارئ إلى الإمساك بتلابيب الفكرة والمضمون انه بحق عبر "فرج" يملك ناصية السرد . لعدة اعتبارات : - أولاً : لا يلجأ إلى استحضار غموض المفردة . أو يلجأ إلى الاستعراض اللغوي . ذلك أن اللغة كائن حيّ والبساطة جزء من جمالية السرد انه يسرد في بساطة ويسر عوالم الشخوص . والبساطة هنا جزء من مميزات الكاتب . أما الأحداث . فإن الكاتب يملك القدرة على جذب انتباه القارئ . وطرح معاناة الإنسان . وقسوة الحياة . ثانياً : يطرح معاناة الإنسان . يتساوى هنا الأرقاء والأحرار . ذلك أن الطيب يدفع الثمن .. والشرير يواصل مكتسباته في الحياة . دون ان يشعر بتأنيب الضمير .. وإذا كان الرقيق والعبد يتعرض لشتى صنوف العذاب . بدءاً بالسخرة .. مروراً بأن يفقد جزءاً من كيانه الذي خلقه الله عليه . ويتحول الى مسخ . كالعجول المخصية .. ويلحقه العار والظلم الاجتماعي . وان حاول الخروج فإن هناك سيوفا معلقة فوق رقابه .. لا يخرج من معاناة حتى يظهر له ألف ألف قضية وهو لا يملك من أمره شيئاً . فإن الأحرار صورة أخرى للمعاناة . يعمل ويكدّ من اجل الآخرين . فالديون لا تسقط بالتقادم أو الموت في عمق البحر .. فليس هناك قانون يحمي الفقير .. وعليه أن يدفع ما عليه . انه الظلم الاجتماعي . ثالثاً : كان هناك وسائط تدعم مسيرة الظلم .. عبر رجال كان من المفترض أن يكونوا صوت الحق . ولكن من المؤسف ان الدين غاية بالنسبة إليهم كي يحققوا اكبر المكاسب لذواتهم . إنها حلقات صاغها قلم هذا المبدع الفنان بصورة ملحمية تجسد المأساة منذ اللحظات الأولى للأسرة حتى لحظة الخلاص . لذا فقد كان العنوان تجسيداً للمضمون "مزج .. قصة الحب والعبودية" عبر توليفة رائعة.