12 سبتمبر 2025

تسجيل

هل سيستقيل حقاً الرئيس عباس؟

04 سبتمبر 2015

googletag.display('div-gpt-ad-794208208682177705-3'); googletag.cmd.push(function() { googletag.display('div-gpt-ad-1462884583408-0'); }); ليست هذه هي المرة الأولى التي يستقيل فيها الرئيس محمود عباس من واحد من مناصبه أو يهدد باعتزال الحياة السياسية برمتها بل سبقتها مرات عديدة وكان في كل مرة يتراجع متعللاً بأسباب كثيرة ومنها رفض المجلس الوطني الذي يضم المئات من الفلسطينيين في الداخل، وفي الشتات لاستقالته وتمسكهم بقيادته وبرمزية هذه القيادة التي أنجزت اتفاقية أوسلو وغيرها وهي في رأيهم أبدع ما في الإمكان لكن هذه المرة يبدو أن الرجل وقد قارب على الحادية والثمانين قد يكون صادقا في اعتزاله الحياة السياسية خاصة وأنه قدم ــ بمنظوره الشخصي وبمنظور المعجبين بسياساته للقضية الفلسطينية كل ما كان بإمكانه.. ويرى المحللون أن ثمة احتمالاً هذه المرة بتنفيذ عباس لاستقالته ويرجعون ذلك إلى أسباب طبية وسياسية بنفس القدر, فأبو مازن يعد العدة للخروج من التركة الثقيلة التي حملها على عاتقه طيلة هذه السنين وأنه يبحث عن مخرج مشرف يظهره بمظهر الذي أدى كل ما عليه فعباس تحصل على عهد من الاتحاد الأوربي باستئناف المفاوضات بعد اعتماد الاتفاق النووي، أما الولايات المتحدة فإن رئيسها مهموم بتصديق الكونجرس على اتفاقه النووي مع إيران ولا يريد من يشغله عن الإنجاز الذي سيظل مقرونا باسمه ولذلك فإن الرئيس عباس ينتظر التصديق على الاتفاق النووي فإذا ما تم التصديق عليه طالب أوباما باستئناف المفاوضات وفق جدول زمني معتمد بقرار من مجلس الأمن فإذا لم يفعل أوباما ما يريده عباس منه فإن اللحظة تكون قد حانت وعندها يستقيل منحيا باللائمة على إسرائيل والإدارة الأمريكية تاركا خلفه التركة الثقيلة التي حملها على عاتقه منذ رحيل ياسر عرفات. ولكنّ مقربين من عباس قالوا إنه غير ملتزم بتاريخ معين وقالوا أيضا إن القرار "لا ينبع من أزمة داخلية ومن ضغط يمارسه عليه خصومه السياسيون، بل هو رسالة للأسرة الدولية وبموجبها فإنه في غياب مسيرة سياسية حقيقية وإنهاء الاحتلال، فإن دور الرئيس في السلطة الفلسطينية لم يعد ذا صلة". وقال عضو اللجنة المركزية لفتح محمد المدني وهو أحد المقربين من عباس "إن عباس سينفذ اعتزاله حسب جدول زمني وحسب المصلحة الوطنية الفلسطينية. وعلى حد قوله، فإن الرسالة غير موجهة إلى الداخل بل إلى الخارج. وقال المدني لصحيفة ها آرتس في عددها الصادر يوم 2/9/ 2015 إن “أبو مازن يفهم بأن المسيرة السياسية عالقة وأنه لا يوجد أي أفق سياسي في المستقبل المنظور للعيان، بسبب الرفض الإسرائيلي. ولا يبدو أن الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي منزعجون من هذا، وعليه فإنه جاء ليقول بشكل واضح لا أريد البقاء في المنصب الذي أصبح بمثابة حامي حمى الأمن لإسرائيل، ومن يريد أن يأخذ المسؤولية فليتفضل "لكن لم يستبعد مسؤولون في فتح اعتزال عباس لأن للعمر أحكامه ومتطلباته وأنه لا بد من أن تضخ دماء جديدة في شرايين القيادة والمؤسسات التي شاخ بعضها وتحتاج إلى إسعاف سريع وإنعاش وقالوا "ليس جديدا أن في الساحة الفلسطينية من يتحدثون منذ بضعة أشهر عمن سيأتي بعد عباس، وهذا ليس سرا في إسرائيل وفي العالم يجب أن يفهموا بأن في منظمة التحرير الفلسطينية، وفي فتح يوجد جهاز وتوجد مؤسسات وفي نهاية المطاف هذه هي التي تختار القيادة. هذا ما حصل عندما توفي الرئيس ياسر عرفات، الذي كان زعيما كاريزماتيا بلا منافس. وعليه فإن أبو مازن لا يريد أن يتخذ صورة من خلف أرضا محروقة وهو يحاول أن يقود المسيرة وأن يرتب البيت ولا سيما في فتح". أما معارضوه فمنهم من يقول إنه استقال "بعد خراب مالطة" وأن استقالته جاءت بعدما قدم لإسرائيل ومشروعها الكبير من النيل إلى الفرات كل ما يستطيع وربما شعر بأنه ليس لديه ما يتنازل عنه ويحمدون الله تعالى أنه أقدم على هذه الخطوة لكي يتوقف نزيف التنازلات ويتعافى الوطن المثخن بجراح الاستيطان والتهويد والقتل اليومي وهؤلاء ليسوا آسفين عليه وربما كسروا كل قلل الفخار وراءه إذا غادر مقر السلطة في رام الله فكل ما يعانيه شعب فلسطين إنما جاء بسبب سياساته البراجماتية الواقعية ولعدم إيمانه بالكفاح المسلح وأن ما أخذ بالقوة لا يسترد بغيرها وأنه ـ أي عباس ـ لطالما تعهد للاحتلال بعدم السماح باندلاع انتفاضة ثالثة بالضفة الغربية ولطالما صرح وأقر بأن الاحتلال لن يرحل إلا بالمفاوضات والتنسيق الأمني, أما وقد انسدت الآفاق أمامه وانغلقت الأبواب فليس أمامه إلا أن يستقيل تاركا الجمل بما حمل . وثمة فريق آخر من معارضي الرئيس محمود عباس يرون أن تصريحات عباس وبيانه بالاستقالة واعتزال الحياة السياسية وعدم المنافسة على أي منصب من مناصب منظمة التحرير ليست إلا مناورة من المناورات التي يجيدها ويقولون بأنه رتب الأمر لكي يتخلص من معارضيه ومنافسيه وأنه رتب لرجوعه فأحسن الترتيب والأمر ليس إلا مناورة سياسية.. فالمجلس الوطني الذي يضم 750 عضوا وهو الهيئة التمثيلية التشريعية العليا للشعب الفلسطيني بأسره داخل فلسطين وخارجها، وتضم الفلسطينيين سكان المناطق المحتلة عام 1967، والفلسطينيين سكان المناطق المحتلة عام 1948، اللاجئين الفلسطينيين في مختلف مناطق لجوئهم، وفلسطينيي المنفى، وهو السلطة العليا لمنظمة التحرير الفلسطينية، وهو الذي يضع سياسة المنظمة ومخططاتها. لا يمكنه أن يتخذ القرارات إلا عندما يحضر التصويت عدد معين من الأعضاء (النصاب). والحالة الوحيدة التي يمكن فيها اتخاذ القرارات حتى لو لم يحضر العدد الأدنى اللازم هو عندما يستقيل الرئيس ويتوجب انتخاب خلف له. ومن المعلوم أن "أبو مازن" درج على عقد المجلس في رام الله وهذا يحول دون حضور أعضاء المجلس من خارج فلسطين وحتى من داخلها بسبب حواجز إسرائيل ومنعها لدخولهم رام الله فمعظم الأعضاء إذن لن يصلوا لذلك فإذا ما دعي المجلس للانعقاد للنظر في استقالة عباس إن أصر عليها فسوف يتمسك به أعضاء المجلس الوطني ممن تسنى لهم الحضور وهؤلاء هم مؤيدو عباس لا غير ــ ويرفضون استقالته وسيقول أبومازن ساعتها إنه خضع لقرار المجلس وما باليد حيلة وعندها سيواصل رئاسة منظمة التحرير الفلسطينية وسيبعد خصومه السياسيين وفي مقدمتهم ياسر عبد ربه وسيعين مكانهم من يرتضيهم ويحقق المراد فليس اعتزامه الاستقالة أو اعتزال الحياة السياسية إلا زوبعة في فنجان سرعان ما تزول.