03 نوفمبر 2025
تسجيلgoogletag.display('div-gpt-ad-794208208682177705-3'); googletag.cmd.push(function() { googletag.display('div-gpt-ad-1462884583408-0'); }); من صفحات الحرب الإسرائيلية "الجرف الصامد" ضد قطاع غزة، عنوان أيديولوجي صهيوني عنصري قائم على عقيدة "حرق الوعي والإدراك الفلسطيني"، فالافتراض بأنه يمكن الفصل بين المقاومة والغزيين تحديدا، والشعب الفلسطيني في عموم الوطن المحتل، وهي تنبع على ما يبدو من أمنية تلمودية أكثر مما تنبع من مستجدات الوضع على الأرض والإنسان، حيث التأييد الكامل والتلاحم الأسطوري بين هذين المكونين الفلسطينيين.اصطلاح "كي أو حرق الوعي"، يعني في الفكر الصهيوني استغلال وسائل الإعلام من خلال هدير المدافع وصواريخ الطائرات، والافتراض أن القصف الشديد على الفلسطينيين سيلحق بأجسادهم نسبة حرق عالية لدرجة أن يؤثر أيضا على أرواحهم وأفكارهم، ومن تراكم فظائع وآلام ومعاناة الحرق تحت عناوين لا حصر لها مثل الاجتياحات والاغتيالات والإغلاقات والحصار والحواجز العسكرية والاعتقالات الجماعية وتوسيع وتعزيز وتكريس المستوطنات والاستيطان، وإقامة الجدران العازلة، ومواصلة حملات الهدم وتجريف الأراضي واقتلاع الأشجار المثمرة، ينسخ من الذاكرة المجتمعية القديم منها لصالح المستحدث.. وهكذا فلن يكون بمقدور الذاكرة المجتمعية اللحاق بما يتعرض له الفلسطينيون من ويلات ونكبات فتصاب بالضعف والنسيان، ولكن أثبتت كل الحروب الإسرائيلية ضد الشعب الفلسطيني أن هذا الأمر لا ولن ينجح.وإن نجحت هذه النظرية الصهيونية في "حرق الوعي" لدى الفئة الضالة والمرتزقة من بعض الإعلاميين المصريين، فهي فشلت في مسح وعي الأمة العربية بالقضية الفلسطينية التي أتت ردة الفعل لدى شعوبها في عموم الوطن الكبير على العدوان الهمجي والبربري على الفلسطينيين لتؤكد من جديد أن فلسطين لا تزال القضية العربية المركزية الأولى.في استطلاع إسرائيلي أجري خلال مجزرة "الجرف الصامد" وافق 53 بالمئة من المستطلعين على وجوب استئناف المفاوضات مع الفلسطينيين و37 في المئة عارضوا، وهذا يعني أن الوعي الإسرائيلي هو الذي يحترق ويكتوي بالحرق من هذه الحرب."الجرف الصامد" يقودنا إلى إيراد لمحة مختصرة عن موشيه ديفيد يعلون سمولينسكي (بوغي) وزير "الدفاع" الإسرائيلي، ويعتبر من أشد الصقور تطرفا وعدائية وعنصرية ضد العرب، فهو ناقل هذه العقيدة البغيضة إلى المؤسسة العسكرية منذ توليه رئاسة الأركان في يوليو العام 2002. وهذا الأمر يعود إلى طفولة يعلون الذي كان يقبض على القطط والكلاب الصغيرة، ثم يقوم بتحطيم رؤوسها بحجر كبير، وبعد ذلك يمكث وقتًا طويلاً وهو يقوم بدوسها بنعاله، قائلاً لرفاقه "هكذا يجب أن نفعل بالعرب".ففور الاعتداء الإسرائيلي على قطاع غزة بادر الكل الفلسطيني إلى الوحدة وتنحية الخلافات لاستعادة صلابة بنيان المقاومة ورص الصفوف لمواجهة الغطرسة الإسرائيلية، وليس أدل على ذلك من أن إسرائيل فشلت في تحقيق هذين الهدفين، إن على صعيد صمود الغزيين والمقاومة في ميدان المواجهة، رغم الفارق الكبير في الإمكانات القتالية، أو على صعيد المفاوضات غير المباشرة بالقاهرة، حيث تجلى وحدة الموقف الفلسطيني وصلابته وتماسكه.على هذا فنحن أمام مفترق طرق صعب جداً، لأن أحد أهداف العدوان الإسرائيلي لم يتحقق، رغم إعادة إنتاجه في مفاوضات القاهرة، فسياسة "حرق وعي الفلسطينيين" لم تنجح بإقناعهم وهم تحت القصف المدمّر بالتنازل عن مطالبهم وحقوقهم التاريخية بوطنهم، أو بقبول التسوية السياسية حسب الاشتراطات الإسرائيلية.وعلى هذا فإن نتنياهو وحكومته اليمينية ستواصل نهج العدوان إلى أن ترى وتدرك أن وعي الفلسطينيين قد احترق، وأنهم قد اقتربوا كثيرا من الرضوخ للإملاءات الإسرائيلية لتعويض خسارته القاسية في الميدان بتحقيق مكاسب على مائدة المفاوضات، مدعوماً بموقف أمريكي منحاز ومواقف عربية تتراوح ما بين الصمت والعجز والتواطؤ والتآمر.ولهذا السبب أيضاً، تبدو المواجهة في قطاع غزة وحوله وداخل العمق الإسرائيلي مفتوحة على شتى الاحتمالات، فإسرائيل وإن صمتت مدافعها وقصفها الصاروخي، فهو صمت مؤقت في كل الأحوال ولن تجد الحيلة لخرق الهدنة، أو ما سمي "اتفاق وقف النار طويل الأمد"، وهذا ما لا يمكن أن يتم تسويغه وتسويقه، لسببين لا ثالث لهما، الأول قوة الرد الفلسطيني في ميدان المواجهات، رغم انقضاء أكثر من شهر ونصف من العدوان، والثاني وحدة الجبهة السياسية الفلسطينية الداخلية، والتوافق الذي ظهر لأول مرة بين الأيادي التي تحمل السلاح، وتلك التي تفاوض.فقط للتذكير نورد هذه التصريحات التي ترددت في ذروة العدوان على قطاع غزة، الأوّل لوزير خارجية العدو الصهيوني افغيدور ليبرمان: "هدفنا الاستراتيجي تركيع حماس والعمليات العسكرية ستستمر حتى ترفع حماس الرايات البيضاء"، أما مجرم الحرب الآخر بنيامين نتنياهو فقال: "لن نوقف العملية العسكرية في غزة حتى ندمر البنية التحتية لـحماس وننزع سلاحها".. فماذا يقولون الآن؟. وإلى الخميس المقبل.