07 أكتوبر 2025

تسجيل

الدين العام البريطاني ومصير الاستثمارات فيه

04 سبتمبر 2013

تنامي الدين العام للمملكة المتحدة والذي تعدى مستويات الدين في بعض البلدان الأوروبية التي تعتبر على شفا حفرة من انهيار مالي. أوانها قد أفلست ولكن الاتحاد الأوروبي وبقية دول العالم أمدتها بحبل نجاه. مثل اليونان والتي بلغ الدين العام لديها ٢٦٧ في المائة من حجم الناتج المحلي. والتي اعتبرتها سوق السندات بلد مفلس. وقد قامت دول الاتحاد الأوروبي بدعمها وخاصة ألمانيا على حساب دافع الضرائب الألماني. والدول الأخرى هي إسبانيا وقد بلغ الدين العام لديها حوالي ٣٦٣ في المائة من حجم الناتج المحلي. ثم تأتي إيطاليا والتي بلغ حجم مديونيتها ٣١٤ في المائة من حجم الناتج المحلي. تأتي البرتغال والتي بلغ حجم المديونية لديها ٣٥٦ في المائة. كل هذه الدول تم تخفيض جدارتها الائتمانية ورفع كلفة استدانتها في سوق السندات. لذلك كادت او توردها منزلق الإفلاس لولا الاتحاد الأوروبي واقتصادات ألمانيا وفرنسا. وعندما ننظر اليوم إلى الدين العام البريطاني نعلم مدى تردي ذلك الاقتصاد. وقربه من الانزلاق في متاهات التعثر. فالدين العام بلغ ٥٠٨ في المائة من قيمة الناتج المحلي البريطاني وهذه النسبة هي الأعلى بين الاقتصادات التي ذكرناها. ولذلك فإن توقع تعرض الاقتصاد البريطاني لعثرات ليس بالاحتمال البعيد. وعليه يجب مراجعة حجم الاستثمارات في ذلك البلد واخذ كل الاحتياطات الأزمة لحماية الثروة الوطنية. ومما يجدر ذكره أن احتمالات ارتفاع كلفة الاستدانة من السوق المالي أصبحت محتملة. وهذا يضيف أخطارا جديدة لما سبق وذكرناه بان الاقتصاد البريطاني مقدم على أوقات أصعب. وإذا أضفنا لكل ذلك توقع زيادة الدين العام من مستواه الذي ذكرناه إلى مستوى أعلى بكثير وهو ترليون وربع فإن احتمالات تعرض الاقتصاد البريطاني لهزات شديدة قد ازدادت بشكل ينذر بعواقب وخيمة. إذا لم تتخذ الجهات المستثمرة خطوات تحوطيه لحماية ثروة الشعب. فالحكومة البريطانية غير قادرة على إيقاف مد الدين العام. فإن هي رفعة الضرائب فستكون قد أضرت بمعدلات النمو في الاقتصاد المحلي. أما ارتفاع معدلات النمو الاقتصادي فهي شبه معدومة. إلى في حال أقدمت الحكومة البريطانية على رفع معدلات المصروفات العامة ورفد الاقتصاد بمشاريع. وهذا الحل غير وارد في الظروف الحالية لأنه سيرفع حجم الدين العام ويفاقم المأزق. إذا كما قلنا قارنا وضع الاقتصاد البريطاني بمثيله من الدول الأوروبية والتي تعرضت لخلخلة عميقة وقاسية اقتصاديا واجتماعيا وماليا لم تجتازها حتى الآن. وقد تتراجع في حال تراجعت اقتصاداتها أو ارتفعت تكلفة الدين وهذا محتمل على المدى القصير والمتوسط. فإن إمكانية دخول الاقتصاد البريطاني في نفق مظلم يصبح معقول ومتوقع. ولقد أنذرت السوق المستثمرين وقدمت النماذج التي تجعل من توقع تهاوي الاقتصاد البريطاني أمرا يبدوا قابل للحدوث في الفترة القادمة وفي حال لم تتعرض بعض الجهات المسؤولة فإن ما قد يحصل هو مسؤولية لا تغتفر. لأن احتمال ارتفاع تكلفة الدين العام العالمي أصبح متوقع بعد تراجع البنك الفيدرالي الأمريكي عن التسهيل المالي. ومنذ بداية السنة ارتفعت أسعار الفائدة في سوق السندات بأكثر من مائة وعشرين نقطه وهذا يعتبر ارتفاع كبير. وهذا الارتفاع قامت به السوق دون اخذ البنك الفيدرالي أي خطوات فعليه لرفع أسعار الفائدة. بل تكلفة بذلك سوق السندات. وقد تراجعت أسواق الأسهم والسندات. أخذا في البال احتمال استمرار ارتفاع أسعار الفائدة في السوق استباقا لم قد يقدم عليه البنك الفيدرالي الأمريكي في نهاية المطاف. وعادتا ما تستبق السوق خطوات البنك الفيدرالي وتتوقع حركته واتجاهاته وتقوم بخصم قيمة الأصول قبل أن يتحرك. ولذلك فإن أوروبا بشكل عام وبريطانيا بشكل خاص معرضه في الفترة القادمة لصدمات قد ترجعها لبيئة اقتصادية أسوأ من ما كانت فيه. في خضم السنوات العجاف الماضية. ولذلك ومما سبق تتضح الصورة من أن الاقتصاد البريطاني مقدم على صعوبات واختناقات قد لا يخرج منها من دون تكلفة ناهظة يتعرض لها الاقتصاد البريطاني. المخرج الوحيد هو تحسن الاقتصاد البريطاني وهذا ممكن. ولكن وفي ظروف يتعرض لها الاقتصاد التعالمي لتجاذبات ومراوحة بين أسعار فائدة ترتفع واقتصاد علمي لم يتمكن من رفع مستويات النمو فيه. فإن إمكانية خروج الاقتصاد البريطاني من مأزقه تبدو ضعيفة على أفضل احتمال.