18 سبتمبر 2025

تسجيل

عمل سيدات الخليج من منزلهن.. الممكن والمطلوب

04 سبتمبر 2011

يعزو البعض في قيام الثورات العربية إلى حالة من الإحباط المرتبط بتدني الحالة المعيشية وقلة فرص العمل في أنظمتنا الاقتصادية العربية متكاملة أو منفردة وبالتالي عدم إمكانية تحقيق الذات أو الوصول إلى أهم المتطلبات الإنسانية وأساسياتها لشريحة كبيرة من أبناء تلك المجتمعات " رجال ونساء " لذلك كانت الشوارع والميادين تكتظ بمثل هؤلاء المحبطين والذين تتعالى أصواتهم جنباً إلى جنب مع ذوي المطالب السياسية وأصحاب الأجندات المعلنة والمبطنة وراكبي الثورات ومستغليها, أو ليس الشرارة الأولى في ثورات العرب المعاصرة كانت عربة خضار التونسي محمد البوعزيزي ومن أسبابها وتبعاتها يعتبر المعتبرون إن كانت لهم بصيرة في الأمر حتى لا يعلو الموج على القارب فتستغل حاجة الناس وظروفهم فيما هو أكبر للنحو بالدول إلى منزلقات خطيرة لا ينجو من تبعاتها غني أو فقير , ومؤخراً أصدرت مؤسسة " أكسفورد إستراتيجيك كونسالتينغ " نتائج دراسة بحثية خاصة بعمل المرأة في منطقة دولنا الخليجية التي تمثل المرأة فيها نسبة 48 في المائة من تعداد السكان الأصليين وبحجم اقتصاد يبلغ حجم ناتجه الإجمالي 1210 مليار دولار سنوياً ويستقطب أعداد غفيرة من العمالة الأجنبية الوافدة من مختلف أصقاع العالم وبنسبة تفوق الـ 70 في المائة من تعداد السكان في بعض دولنا بينما لا تزال بعض بناتنا يبحثن عن العمل وتحقيق الذات ولا يجدن لرغباتهن تلك الفرصة أو التجاوب المتناسق مع أعدادهن ويمكن أيضاً احتسابهن طاقة عمل معطلة أو مهدرة إذا ما تكلمنا عن حجم ما يبذل لأجلهن من التأهيل والتعليم, ومع أنني لا أعرف سبب تلك الدراسة البحثية المشار إليها أو الجهة الممولة لها إلا أنه من محصلة نتائجها يبدو أن في الأمر الكثير من الجدية المحلية للمضي نحو استغلال طاقة العمل الضخمة والمؤهلة من النساء خاصة أن الدراسة أشارت إلى تفوق الحصيلة المعرفية والدراسية للسيدات الخليجيات والذي يرجع لاهتمام دول المنطقة بتعليم الإناث أسوة بالذكور وعليه تبشرهن الدراسة بوجود أكثر من مليوني فرصة عمل ستكون متاحة أمام سيداتنا في الخليج إذا ما رغبن العمل من منازلهن دون هم ركوب السيارة أو خوف الاختلاط أو حتى تبديد الأموال على مساحيق التجميل وأزياء العمل وماركات الشنط والساعات وهو ما يوفر الكثير من المال لاقتصادياتنا حسب الدراسة التي أعُدت في لندن وشارك فيها عدد من الأكاديميين الخليجيين إلى جانب أسماء عالمية شهيرة في مجال الدراسات البحثية أمثال البروفيسور " كريس رولي " وتنص بعض نتائجها على الآتي: " العمل من المنزل يعد الاستجابة العملية لإشراك المرأة الخليجية في القوى العاملة الوطنية، مما يسهم في دعم الاقتصادات المحلية وزيادة معدلات التوطين " ومع أن روح العمل ونكهته عند البعض مرتبطة بالخروج وتبديل أجواء المنزل والتعارف مع الأخريات وإغاظة النساء أحيانا لبعضهن بالملابس والإكسسوارات وعموم الاستعراضات إلا أن فكرة الدراسة تستهدف سد الحاجة الأساسية والآخذة بالتفاقم على نحو ينذر بكارثة فيما لو أهمل أكثر, وبالتأكيد نحن تفرحنا كل بشائر الخير أن قصدت سيدة أو رجل أو عموم اقتصادنا بل أجد من الأجدر التأكيد على ضرورة تطبيق مثل تلك الدراسات خاصة وأنها تحقق حلولا مزدوجة من جانب توفير فرص عمل أكثر للمرأة وبالدخل المناسب الذي يسد الحاجة ويحقق الذات ويوفر المستلزمات الأساسية لها وفي أجواء خاصة وذاتية تؤمن الحشمة والخصوصية وفقا لنمطية السلوك الاجتماعي ومحدداته السائدة في المنطقة, أيضاً قد يسهم مثل هذا النوع من طبيعة العمل التوافقي في تقليل الاعتماد على عاملات المنازل الأجنبيات واللاتي لا تخلو غالبية بيوتنا الخليجية منهن وأحياناً بأعداد كبيرة مع سلسلة من المشاكل المتنوعة والكبيرة التي يقود بعضها إلى أنواع من القطيعة والضغينة بين الشعوب كما هي الحال في أزمة عاملات المنازل في السعودية والتي وصلت كلفة استقدام الواحدة منهن إلى أكثر من 5 آلاف دولار. أعود إلى الدراسة أعلاه والتي لم تطرح تفصيلاً لطبيعة الأعمال الممكن إدارتها وتنفيذها من قبل السيدات في المنازل إلا أني أجد في ذات الفكرة نوعا من العزم على توسيع المشاركة وعرض الممكن من الحلول والعمل على تبني المستطاع منها والمتوافق مع طبيعة مجتمعاتنا وهو بلا شك نهج طيب بدلاً من انتظار الأزمات وتصاعدها إلى نحو يفضي إلى انفلات زمام الأمور وركوب موجات الاحتجاج والثورات بما فيها من تداخلات واختلاط الحابل بالنابل . [email protected]