10 سبتمبر 2025
تسجيلهم بشر، لهم مشاعر، قلوبهم حية تستشعر ما يحدث في المجتمع وما يعانيه أفراده، يأتون على أخبارهم بأنفسهم ويتفاعلون مع أحداثه، ما كانوا يوماً في أبراجهم العاجية، وما تخلفوا يوماً عن حركتهم في الحياة، وما كانوا يصدرون أوامر وقرارات وهم بعيدون عن مجتمعهم، عاشوا عيشة الكرام وأهل التواضع والمروءَة والوفاء والنزاهة في مساحات الحياة الواسعة، فكانت حياتهم ذات قيمة ومعنى بمواقفهم يحفظون الجميل والود. فهذه بعض من أخبارهم العملية في المجتمع، ففيها من القيم والعبر والدروس لكل أفراد المجتمع بدون استثناء "وإن أمة فيها أمثال" هؤلاء حاملو الرايات في مجتمعاتهم "لهي حقيقة بالعز والتمكين" والبناء الحضاري لأمتها وللإنسانية كذلك، إنها عزائم الرجال!:- * الخليفة الراشد الأول أبو بكر الصديق رضي الله عنه يكنس بيت المرأة العمياء، ويطبخ لها طعامها. * والخليفة الراشد الثاني عمر بن الخطاب رضي الله عنه يحمل كيس الدقيق على ظهره، فيطبخ لأطفال المرأة الجياع، ولا يغادرهم حتى يناموا. * قال عروة بن الزبير رحمه الله "رأيت الخليفة عمر بن الخطاب رضي الله عنه وعلى ظهره قربة ماء، فقلتُ: يا أمير المؤمنين، لا ينبغي لك هذا. فقال: لمَّا أتى الوفود سامعين مطيعين، دخل نفسي نخوة، فأردتُ أن أكسرها". فكم من مسؤول في زماننا أصابته هذه النخوة، بل وقد تلازمه إلى أن يُغادر منصبه-لا نعمم- ولكن هذا هو الواقع! هل كسر هذه النخوة؟. * اشترى الخليفة الراشد الثالث عثمان بن عفان رضي الله عنه بئر رومة وكانت لرجل من بني غفار وقيل أنها ليهودي، وكان لا يشرب منها إلاّ بثمن، فاشتراها رضي الله عنه فجعلها للغني والفقير وابن السبيل فجبر خواطرهم رضي الله عنه. * وهذا الإمام الزاهد عبدالله بن المبارك يتوفاه الله، فيفتقد المساكين أرزاقهم التي كانت تُوضع عند أبوابهم ليلاً، فأدركوا أن صاحب هذا العمل قد غادر الحياة فعلموا أنه كانت تأتي منه رحمه الله. * يموت ألد أعداء شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله، فيأتي أصحابه يبشرونه بذلك فيغضب، فيرتحل إلى أهل الميت فيعزيهم، ويقول لهم "أنا كوالدكم، لا تحتجون شيئاً إلاّ اخبرتموني". أي معاملة وأي ود وأي جبر للخواطر تربوا عليه!. * في خلافة عمر بن عبدالعزيز أمير المؤمنين رحمه الله، ومع قصر مدة خلافته إلاّ أنه رد المظالم، وصرف إلى كل ذي حق حقه، وكان مناديه في كل يوم يُنادي: أين الغارمون؟ أين الناكحون؟ أين المساكين؟ أين اليتامى؟ حتى أغنى الجميع رحمه الله!. فأين أصحاب الوظائف الكبرى والمناصب العليا ممن يديرون مصالح مجتمعاتهم، إذا هم يتلاعبون بالمال العام، ويبددون ثروات المجتمع ومقدراته، ويكثر الفساد الإداري والمالي حتى يبلغ ذروته، وتضيع الحقوق وتكثر المآسي، وتُكسر كل القوانين لمصالحهم ولمعارفهم، وتُقتل القيم، لا حسيب ولا رقيب، ولا نزاهة ولا شفافية!. "ومضة" هكذا كانت حياتهم.. بناء وعطاء، وجميل وفاء في ساحات الحياة.!