17 سبتمبر 2025

تسجيل

هزيمة السعودية في موقعة نيوكاسل

04 أغسطس 2020

الأحداث من كثرتها وسرعة وتيرتها، يُنسي بعضها بعضا، فما يكاد يقع الحدث المهم، حتى يتبعه الآخر الأهم منه، فما يكون منا إلا أن ننسى الأول أو نتناساه لمتابعة الثاني، فتسقط منا أحداث كثيرة مهمة وخطيرة كان من الواجب علينا التوقف أمامها لدراستها وتحليلها وتفسيرها.. لذلك قررت أن يكون مقالي اليوم جامعا لمجموعة من الأحداث التي وقعت خلال الفترة القليلة الماضية منذ نشر مقالي الأخير وحتى كتابة هذه السطور، وإذا كان كل حدث منها يحتاج مقالا مستقلا لتناوله، إلا أني رأيت أن ذلك قد يتسبب في إسقاط أحداث كبرى كانت تستحق التناول والتدوين قبل أن يأتي الأهم منها وننساها. موقعة نيوكاسل أهم وأكبر الأحداث وأقربها هو الهزيمة الساحقة التي تعرضت لها السعودية أمام قطر في موقعة نيوكاسل، تلك الموقعة التي استمرت عدة شهور قاربت على السنة الكاملة، سعت فيها السعودية وبكل قوة من أجل وضع قدم لها في الدوري الإنجليزي لكرة القدم عبر شراء أحد الأندية الكبرى والعريقة وهو نادي نيوكاسل يونايتد، وقد دفعت السعودية بكل ثقلها المادي والسياسي، حيث بلغت قيمة المبلغ المعروض 300 مليون إسترليني(مليار وأربعمائة مليون ريال سعودي)، كما أن الممول كان هو صندوق الاستثمارات العامة السعودي وهو صندوق سيادي يشرف عليه محمد بن سلمان ولي العهد صاحب الفكرة وأكبر المتحمسين لها، والهدف من وراء الصفقة هو أن يكون للسعودية موطئ قدم في دوري هو الأهم والأكبر في العالم، تستطيع من خلاله دخول المضمار الرياضي العالمي ومن ثم تنافس قطر أو تقصيها من هذا المضمار الذي أصبحت قطر تتسيده بالكامل، ومن الأهداف المهمة أيضا هو أن يغسل النظام السعودي سمعته التي تلوثت كثيرا في الفترة الأخيرة سواء في مجال حقوق الإنسان والذي ارتكب فيه النظام العديد من الجرائم، أكبرها وأشهرها وأبشعها جريمة قتل الصحافي جمال خاشقجي، أو في مجال النزاهة والأمانة واحترام حقوق الملكية الفكرية للآخرين، تلك المبادئ التي خرقتها السعودية عندما قامت بقرصنة قناة بي إن سبورت أثناء مونديال روسيا 2018 ونقلت مبارياته بالمجان.. كل هذه الخلفيات وغيرها هي التي جعلت قطر تكون أول وأكبر المتصدين لإفشال الصفقة، وهي أيضا التي جعلت العديد من المؤسسات والأندية الإنجليزية تقف وبقوة ضد إتمام الصفقة، بل إن الاتحاد الإنجليزي ورابطة الدوري طلبا من السعودية تقديم ما يثبت عكس ذلك، لكن السعودية فشلت، ومعها فشلت الصفقة، وعادت السعودية من موقعة نيوكاسل بخفي حنين تجر أذيال الهزيمة النكراء. ضربة مزدوجة للسعودية والإمارات ومن الأحداث المهمة أيضا التي جرت خلال الأيام القليلة الماضية هو تقدم قطر بطلب رسمي للجنة الأولمبية الدولية بتنظيم أولمبياد 2032، ذلك الحدث الذي إذا ما تمت الموافقة عليه ونجحت قطر في الفوز به سيكون هو الحدث الرياضي الأهم في القرن الواحد والعشرين، حيث لم يسبق على مر التاريخ أن أقيمت الأولمبياد بدولة عربية، فضلا عن كون الأولمبياد هو الحدث الرياضي الأهم والأكبر من كافة الأحداث الأخرى بما في ذلك كأس العالم لكرة القدم، بالرغم من الشهرة الكبرى للأخير. والغريب أن تقدم قطر على خطوة عملاقة كهذه في وقت صعب وحرج للغاية، فهي من جهة تواجه حصارا سياسيا واقتصاديا خانقا من أربع دول، ومن أخرى تستعد لاستضافة كأس العالم 2022، ذلك الحدث الذي يترقبه العالم أجمع لا ليعرف من سيفوز بلقبها، وإنما ليختبر قطر في هذا الامتحان الصعب، وإن كان ذهابها لما هو أبعد وسعيها لتنظيم حدث أكبر وأعظم فهذا يدل على ثقتها في تحقيق النجاح بالمونديال.. لا جدال في أن قطر تملك كل الأدوات والإمكانات والمنشآت التي تؤهلها لاستضافة هذا الحدث العظيم، بل إن لديها سابقة أعمال ضخمة تجعلها أهلا للتنظيم والاستضافة، حيث سبق لها تنظيم العديد من الأحداث العالمية وفي رياضات شهيرة مختلفة حققت فيها نجاحات باهرة وتركت بعدها انطباعات جيدة لدى الاتحادات المحلية والقارية والدولية، فباتت موثوقة لديهم في التقدم لتنظيم أهم وأكبر الأحداث. والذي لا شك فيه هو أن تقدم قطر بطلب تنظيم الأولمبياد جاء بمثابة الضربة الموجعة لبعض الدول خاصة دول الحصار وبالأخص السعودية والإمارات باعتبارهما أكبر الكارهين لقطر والحاقدين عليها، ولو قُدر وفازت قطر بالتنظيم فإن الضربة ستتحول من موجعة إلى قاتلة لسببين، أولهما أن استضافة الأولمبياد سترفع قطر إلى مكانة عالية ورفيعة جدا، كما أنه سيزيدها شرفا فوق الشرف الكبير الذي نالته من قبل بالفوز بتنظيم كأس العالم، وهو أمر لن تصل إليه السعودية أو الإمارات أبدا، أو على الأقل في المائة سنة القادمة.. الثاني هو أن السعودية والإمارات كانا يمنيان النفس بنجاح حملتهما الكبرى التي جرى شنها على قطر منذ الإعلان عن فوزها بتنظيم كأس العالم في 2010 وهي الحملة التي أنفقا فيها ملايين الدولارات بهدف تشويه وشيطنة قطر أمام العالم ومن ثم يسحب منها تنظيم المونديال، ثم ووسط هذه الأمنيات تعلن قطر عن تطلعها لاستضافة وتنظيم ما هو أهم وأكبر من كأس العالم، وهو الأولمبياد.. فما هذا الجبروت؟!! المخابرات تنصب على الأهلي منذ أيام قليلة أيضا وبالتحديد في السابع والعشرين من يوليو الماضي، تم الإعلان عن إعادة افتتاح قناة النادي الأهلي بعدما آلت إدارتها من مجلس إدارة النادي الأهلي إلى شركة استادات وهي إحدى شركات المخابرات المصرية، جاء ذلك بعد فترة توقف لعدة أسابيع أجرت خلالها الإدارة الجديدة عملية تطوير كبيرة شملت الشكل والمضمون والأهداف، وفي الافتتاح ظهر محمود الخطيب رئيس النادي الأهلي في كلمة مسجلة وضح من خلالها أن النادي الأهلي لم يعد له سلطان على القناة وهذا ليس موضوعنا الآن، إنما الموضوع هو المقابل المادي الذي أعلنه الخطيب الذي سيحصل عليه الأهلي من الشركة المخابراتية نظير امتلاكها حق إدارة القناة، حيث قال الخطيب إن الأهلي سيحصل سنويا على عشرين مليون جنيه، فيما كان قد استعرض في بداية كلمته تاريخ القناة وأشار إلى أنها انطلقت عام 2008 وقد حصل على حق إدارتها في ذلك الوقت رجل الأعمال السعودي صالح 8 ملايين جنيه سنويا، ولم يلحظ الخطيب أنه بذكر هذين المبلغين الأول والثاني سيلفت نظر الناس إلى أن الأهلي تعرض لعملية نصب كبرى من الشركة الجديدة، لأنه وبحسبة بسيطة وطبقا لسعر صرف الجنيه مقابل الدولار نجد أن ما كان يحصل عليه الأهلي 2008 أكبر بكثير مما يحصل عليه اليوم في 2020، ففي 2008 كان سعر الدولار 5.41 جنيه، وبقسمة الـ8 ملايين على هذا السعر نجد أن دخل الأهلي من القناة في ذلك الوقت حوالي مليون وخمسمائة ألف دولار، أما اليوم وقد أصبح سعر الدولار يساوي 16 جنيها فالعشرين مليون جنيه ستساوي مليونا و250 ألف دولار فقط، أي أن الفارق قرابة الـ250 ألف دولار أي حوالي أربعة ملايين جنيه وهو فارق كبير فضلا عن اختلاف الزمن، ولولا أن الطرف الثاني في العقد هو المخابرات لاستحق الطرف الأول وهو الخطيب المحاكمة والعقاب بتهمة التواطؤ والتفريط في الحقوق المالية للنادي الأهلي.. جريمة مكتملة الأركان. [email protected]