11 سبتمبر 2025
تسجيلبغض النظر عن تسمية مبادرة "الحزام والطريق" الصينية بأنها نموذج جديد للهيمنة الآسيوية أو غزو التنين الصيني للعالم واحتلاله من خلال الاقتصاد فالحقيقة أن تحالفاً جديداً بدأ يتشكل يصاحبه خارطة اقتصادية جديدة ستحول بعض الدول لمجرد موانئ ومدن لوجستيه أو كجسور وممرات لالتقاء القارات والشعوب، وهذا بالتأكيد يتطلب مواكبة هذه الدول لهذا التحول العالمي الجديد، يتطلب تغييرا في نمط عيشها وتشريعاتها وهياكلها وحتى ثقافاتها التي ستلتقي بثقافات شعوب أخرى تأتي مع انسيابية حركة البضائع والتقاء الشركات الكبرى والمستثمرين والانفتاح السياحي. ويشكل "منتدى التعاون الصيني العربي" الذي عقد مؤخراً - قبل أسبوعين- وحضره أكثر من 17 وزيرا من دول مختلفة فضلاً عن 100 منظمة دولية وإقليمية وما يزيد عن 2000 من كبار المستثمرين، نقول يشكل هذا المنتدى التاريخي ترجمة عملية لدراسة الخطوط العريضة لمبادرة "الحزام او الطريق" الصينية، ومعلوم ان مسارات هذه المبادرة ستعتمد على الخليج العربي كممر مهم - بل كحليف استراتيجي - لنجاح هذه المبادرة، وأمام الصين دول خليجية مهمة تلعب موانئها دوراً محورياً لنجاح المبادرة منها : عُمان والكويت، لكن السؤال الذي يطرح نفسه: ماذا عملت - وستعمل - هذه الدول أو بقية دول الخليج أمام هذا الحدث الكبير والجديد؟ تحتل الموانئ العمانية أهميه كبيره بالنسبة للصين لأنها الأقل كلفه للسفن التجارية العملاقة كما أن موانئها - وخصوصا ميناء الدقم - تحتل موقعاً استراتيجياً بين بحر العرب والمحيط الهندي لذلك عقدت الصين العديد من الاتفاقيات الاستثمارية لمساعدة عُمان لتأهيل موانئها، كما أن عُمان بسّطت الإجراءات لمستثمرين من الصين وذلك لإنشاء مدينة صناعية في قلب صحراء عُمان تقدر كلفتها بـ 10 مليار دولار، ويبدو أنها أول مدينة صناعية لوجستيه في مبادرة الحزام والطريق. أما الكويت فلديها مشروع أطلقه سمو أمير دولة الكويت في عام 2006 لتحويل الكويت إلى مركز مالي واقتصادي، ويقوم هذا المشروع على إعادة هيكلة المدن والجزر الكويتية وخصوصاً جزيرة بوبيان ذات الموقع الاستراتيجي المهم والمحاذي لإيران من جهة وبوابه لبلاد الرافدين من جهة أخرى، بالإضافة إلى مشروع مدينة الحرير التي تقع شمال الكويت ومساحتها بـ 250 كيلو مترا مربعا وتقدر كلفة إنشائها بـ 86 مليار دولار، ومن هنا أعلنت الكويت في منتدى التعاون الصيني العربي انها تتشارك مع مبادرة الحزام او الطريق بمبادرة كويتية هي مبادرة " طريق الحرير" التي أعلن عنها سمو أمير دولة الكويت قائد العمل الإنساني الشيخ صباح الأحمد وتحمل هذه المبادرة بين جنباتها طموحات كبيره لا تقتصر على المشروع الاقتصادي الصرف بل تطمح أيضاً لأن تكون المبادرة الصينية - الكويتية "الحزام وطريق الحرير" طريقاً لتحقيق الأمن والسلم في المنطقة وذلك من خلال طرح مشاريع تحد من تنامي نسبة البطالة بين أوساط الشباب العربي وتساهم في القضاء على الفقر وتوفير العيش الكريم، لذلك كانت الكويت أول دولة عربية توقع اتفاقيات مع الصين في إطار مبادرتي " الحزام/ طريق الحرير" وأعلنت الكويت أنها عقدت شراكه مع المستثمر الصيني لبناء 7 مدن لوجستية ضخمة. نعود لسؤالنا الذي طرحناه، كيف ستواجه دول الخليج هذا المشروع الاقتصادي الجديد؟ المنطق يقول بأن مجلس التعاون الخليجي هو المظلة التي تستظل بها دول الخليج كافة، وعلى هذا المجلس تكثيف اللقاءات من أجل التشاور والتنسيق لكي لا يطغى التنافس على التعاون! فتصبح الصين هي الرابح الأكبر. وعلى الرغم من تسارع الأحداث إلا انه وللأسف مازالت الأمانة العامة لدول مجلس التعاون في سبات عميق؟ وعلى كل حال، نقول بأن الصين ستعمل لمصالحها سواء كان هناك لجنة تنسيقية خليجية أم لا ! وأنها - أي الصين - ستتعامل مع من تكون أهدافه واضحة، وقليل البيروقراطية، ومن لديه كفاءة وجهوزية عالية، ومن تكون قوانينه جاذبة للمستثمر، ومن ينظر للوافد ليس على أنه أجنبي بل شريكاً في المصلحة والتنمية.