17 سبتمبر 2025

تسجيل

ذاتية الخطاب الثقافي

04 أغسطس 2015

googletag.display('div-gpt-ad-794208208682177705-3'); googletag.cmd.push(function() { googletag.display('div-gpt-ad-1462884583408-0'); }); من الأدوار المهمة التي يضطلع بها المثقفون دورهم في تنوير المجتمعات، والسعي إلى نشر الاستنارة في أوساطها، ما يعطي أهمية بالغة للدور الذي ينبغي أن يقوم به المثقفون تجاه مجتمعاتهم، بعيداً عن الذاتية والأثرة الثقافية. وفي سياق حديثنا عن أهمية التنوير وتحقيق الاستنارة، فإننا نتحدث هنا عن الاستنارة الحقيقية، وليست الاستنارة الزائفة، التي ظل البعض يحدثنا عنها، ويلوكون ألسنتهم بها لإحداث حالة من التنوير الزائف الذي يتم ترديده بدعاوى نشر أفكار أحادية الجانب تمارس قمعاً وكبتاً ضد غيرها من الأفكار، وكأنه التناقض نفسه الذي يقع فيه "دعاة الاستنارة الجدد" بحق أنفسهم، وبحق غيرهم من المثقفين، بل وبحق المجتمع كله، عندما يطوقون أنفسهم بعصمة فكرية وثقافية، وكأن الثقافة حكراً عليهم ولهم، وأن غيرهم هم والعدم سواء. هذه الذاتية في الخطاب الثقافي تجعل المثقفين أمام محكٍ جدير بالتوقف والتأمل، إذ إنه بممارستهم هذه يجعلون أنفسهم أسرى لخطاب ثقافي أحادي الجانب يمارسون بموجبه إقصاءً فكرياً ضد غيرهم، فيوقعون المتلقي في دائرة من الضبابية والغموض. ومن ثالثة الأثافي أن أمثال هؤلاء من دعاة الاستنارة يظلون على هذه القناعة اعتقادا منهم أنهم على صواب، على نحو ما يجدونه من دعم من قبل إعلام يقف بجانبهم، داعماً ومؤيداً لهم، في إشارةٍ لافتةٍ أخرى لمدى الانحياز الإعلامي لشريحة من المثقفين دون غيرهم، وكأنها محاولة لتأطير مشهد ثقافي جديد، تكون الغلبة فيه لأصحاب الحظوة الإعلامية، ومن هم أكثر امتلاكا للمنابر الثقافية. هذا كله، يجعل هذا المشهد مشهداً استثنائياً بامتياز، وليس هو المشهد الثقافي العام، الذي يستهدف تحقيق استنارة حقيقية، تسعى إلى تنوير المجتمعات، والعمل على تثقيفها وفق المفهوم الحقيقي للثقافة ورفدها بكل ما هو وإبداعي وخلاق لبناء مجتمعات ثقافية وفكرية ناضجة. ولعل أهم الأدوار التي ينبغي أن يقوم بها المثقفون هو تحرير أنفسهم من ذاتية الخطاب الثقافي، ليكون خطابهم من الناس وإلى الناس، بعيداً عن السادية الثقافية، أو كل ما يمكن أن يشيع في المجتمعات روح التخلف والرجعية باسم الاستنارة والتنوير.