12 سبتمبر 2025

تسجيل

التوبة

04 يوليو 2014

إن الله تعالى قد أوجب التوبة على عباده المؤمنين، فقال تعالى: (وَتُوبُوا إِلَى اللَّهِ جَمِيعًا أَيُّهَا الْمُؤْمِنُونَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ)، وقال أيضًا: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا تُوبُوا إِلَى اللَّهِ تَوْبَةً نَصُوحًا عَسَى رَبُّكُمْ أَنْ يُكَفِّرَ عَنْكُمْ سَيِّئَاتِكُمْ وَيُدْخِلَكُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الأَنْهَارُ)، وقال سبحانه: (وَأَنْ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ ثُمَّ تُوبُوا إِلَيْهِ).وقد أمر النبي صلى الله عليه وسلم بالتوبة والاستغفار فقال: (يا أيها الناس، توبوا إلى الله، فإني أتوب في اليوم إليه مائة مرة)، وفي رواية أخرى: (والله إني لأستغفر الله وأتوب إليه في اليوم أكثر من سبعين مرة). فهذا رسول الله صلى الله عليه وسلم الذي غفر له ما تقدم من ذنبه وما تأخر يستغفر الله ويتوب إليه في اليوم أكثر من سبعين مرة، فكيف بمن دونه من الناس؟!وقد جاءت دلائل الكتاب والسنة وإجماع الأمة على وجوب التوبة، فالتوبة واجبة على كل مسلم ومسلمة وهي واجبة من جميع الذنوب والمعاصي دون استثناء؛ صغيرة كانت أم كبيرة.والتوبة هي الإقلاع عن الذنب من ترك واجب أو فعل محرم، فهي الرجوع من معصية الله إلى طاعته سبحانه وتعالى.وكما أن لكل عمل من الأعمال شروطًا ليقبل عند الله. فإن للتوبة شروطًا كذلك. قال تعالى: (ياأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا تُوبُوا إِلَى اللَّهِ تَوْبَةً نَصُوحًا) أي: توبة صادقة.والتوبة من الذنب على حالتين، الحالة الأولى: إذا كان الذنب بين العبد وبين ربه سبحانه؛ أي: إذا كانت المعصية بينك وبين ربك، ولا تتعلق بحق آدمي آخر، ففي هذه الحالة للتوبة ثلاثة شروط:الشرط الأول: الإقلاع عن المعصية وأن تكف عنها. فإن كنت تاركًا لواجب وجب عليك فعله. وإن كنت فاعلاً لمحرم وجب عليك تركه.الشرط الثاني: الندم على فعلها؛ أن تشعر بالحزن على فعلك لتلك المعصية، وتتمنى أنك لم تفعلها.الشرط الثالث: العزم على عدم الرجوع إلى ذلك الذنب؛ أن تعزم بإرادة قوية في قلبك ألا تعود أبداً إلى تلك المعصية مستقبلاً. فهذه هي شروط التوبة إذا كانت المعصية بين العبد وبين ربه سبحانه وتعالى.وأما الحالة الثانية: إذا كان الذنب بين آدمي وآدمي آخر؛ ففي هذه الحالة يجب أن يتوفر في التوبة أربعة شروط؛ الثلاثة التي ذكرت سابقاً من إقلاع وندم وعزم على عدم العودة. والشرط الرابع: أن يبرَأ التائب من حق صاحبه؛ أي: أن تبرأ من حق صاحبك الذي اعتديت عليه، فإن كنت أخذت مالاً أو نحوه رددته إلى صاحبه، وإن كانت غيبة استحللته منها، وإن كان حد قذف أو نحوه مكنته من نفسك أو طلبت عفوه، فإن فقد أحد الشروط في تلك الحالتين لم تصح التوبة. وزاد بعض العلماء في شروط التوبة الإخلاص. أي: أن تكون توبة الرجل خالصة لله تعالى. وأن يقصد بها وجه الله رغبة في مغفرته وثوابه، وخوفًا من عذابه وعقابه، ولا تصح التوبة إذا كانت خوفًا من عصا سلطان، أو رغبة في جاه أو مال أو شيء من عرض الدنيا.