23 سبتمبر 2025

تسجيل

الذكاء الآلي والعواطف الإنسانية

04 يونيو 2023

في مجتمع كالمجتمع القطري، قلة عدد السكان ووفرة رأس المال، كيف نستقبل الذكاء الآلي (الصناعي)، يبدو من الوهلة الأولى انه الحل النموذجي لمجتمع يعاني من خلل سكاني ولا يستسيغ العمل اليدوي، حل يقبله السكان وتقبله الدولة، يحلق بالدولة في رحاب طموحاتها وبحلول كمالية، لكن مخاوف خروج هذا الذكاء من القيود البشرية وانقلابه عليها في مسار لا تحمد عقباه، أمر قد يدفع للتردد والإحجام عن السعي الحثيث لاكتساب المهارات والقدرات والإمكانيات اللازمة لمواكبة هذه التطورات، لكن اي تردد او تأخير سيحرمنا القدرة على مسايرة التطورات والتي من الواضح انه لا احد قادر على لجمها والكل يسعى للحاق بركب التطورات المتسارعة، الكثيرون مخاوفهم من هذه التطورات ناشئ من أحاسيسهم وقياسا على العواطف البشرية ونسبة ذلك للذكاء الآلي، وهنا أولا: لابد من رسم الخط الفاصل بين العواطف والمشاعر الانسانية وما يسمى الذكاء الآلي، وان نأخذ في الحسبان ان الذكاء الآلي لا يملك الأحاسيس البشرية، فهو ليس حساسا وليس غيورا ولا حسودا ولا يغضب ولا يحزن هو آلي إذا ما الذي سيدفعه للانتقام او السيطرة او القضاء على البشرية، كل هذه صفات بشرية لا تمت بصلة للذكاء الآلي، إذا المخاوف المبنية على المشاعر والعواطف والأحاسيس الإنسانية في اعتقادي ليس لها مكان للقياس على ما ستكون عليه سلوكيات الذكاء الآلي، وإذا حسمنا الجزء الاهم وهي الطموحات الانسانية في شكلها العواطفي، قد نجد مجالات أخرى سلبية ولكن قد تكون لاتكالنا على الروبوتات والذكاء الآلي، وما نصفه بالكسل الذهني والبدني وهذا ستكون له اضرار بعيدة المدى على الانسانية، لكن للتذكير هذا ما قيل عن الحاسبة الالكترونية والحاسب الالكتروني، لكن ها نحن اليوم نهاب تطورنا في مجالات التقنية ولكن لم يعقنا استخدام الآلات ولا الحاسوب وكانت هناك المخاوف والحرس القديم للدفاع عن الصناعة التقليدية والمفاهيم الموروثة، ثانياً: إن كل شركة من قوقل الى ميكروسوفت إلى انفيديا واوروكل وغيرها من الشركات كل سيطور ذكاءه الآلي الخاص به، سيكون هناك الملايين من انواع الذكاء الآلي فاي ذكاء آلي سيسيطر على البشرية فكل ذكاء آلي تبرمج ونشأ مستقلا ومنفصلا عن الآخر فكيف سيتوافق معه، ثالثاً: كل برنامج ذكاء آلي يقوم على برمجيات ولوغاريتمات تختلف فكيف هل ستتحالف ام تتحد وتتآمر على البشرية، لا يبدو ذلك ممكنا، بل في حال قام ذكاء آلي بعمل ستكون البرمجيات الاخرى عائقا في قدرته على التحكم بموارد العالم، رابعاً: ان الذكاء الآلي الذي يكثر الحديث عنه قائم على النموذج اللغوي، لكن في الروبوتات والمسيرات والسيارات ذاتية القيادة فان الذكاء الآلي فيها ناتج عن بيانات تتصل بالواقع والحركة وتحريك الآلات وفهم عميق للبيئة وهذا الذكاء الآلي يختلف بشكل راديكالي عن نموذج الذكاء اللغوي فكيف سننسجم مع انواع الذكاء الآلي الاخرى، لكن العالم يتجدد كل يوم ويتطور كل ساعة، ومن يقف مكتوف اليدين سينعى حظه في عدم استغلال الفرصة في القفز لركب التطور في حينه، الذكاء الآلي هو اهم تطور انساني وتشكيل واقعنا التعليمي والجامعي وهياكل الدولة لاستيعاب الذكاء الآلي ضرورة عاجلة لان تسارع التطور لا يسمح بالتلكؤ او المماطلة وكما قلنا ان المخاوف التي تساق وحتى من عتاة التقنيين هي مخاوف من تملك الذكاء الآلي عواطف ومشاعر واحاسيس انسانية وبطبيعة الذكاء الآلي لا يملك الحاسوب والروبوت اي احاسيس او مشاعر او عواطف وقد يكون هذا هو ضعف التقنية في العموم ولكن في حال نسبنا للروبوت والذكاء الآلي العواطف وطموحات البشر من سيطرة وهيمنة وانتقام و غيرها ليس لها محل في العالم القادم من ذكاء آلي وروبوتات، أما فرضية كون الذكاء الآلي كيانا موحدا فهذا أيضا لا يدعمه الواقع، لكن من سيملك ناصية تطور الذكاء الآلي سيملك المستقبل، ودولة المستقبل دولة ذكية تقوم على هيكلة تنتظم ومخرجات الذكاء الآلي.