17 سبتمبر 2025
تسجيلتعددت إشارات صادرة من أنقرة حول احتمال حدوث بعض المتغيرات في السياسة الخارجية التركية.ولعل تسارع هذه الإشارات يبدو على صلة بالتطورات الميدانية في سوريا، تحديدا مع بدء ما يسمى بعملية تحرير الرقة من تنظيم "داعش".حيث إن بدء هذه العملية ظهر فجأة وإن كان الكلام حولها قد بدأ منذ فترة. والمفاجأة هنا تحديدا أن المقاتلين الذين تتألف منهم القوات التي أعدت لتحرير المدينة هي أساسا قوات الحماية الكردية وعصبها حزب الاتحاد الديمقراطي الكردي ويرأسه صالح مسلم المؤيد لحزب العمال الكردستاني بزعامة عبد الله أوجالان. وهؤلاء تظللهم مظلة عامة اسمها قوات سوريا الديمقراطية التي تضم بعض العرب والتركمان.وزاد الأمر حرجا وغضبا في تركيا أن الجنود الأمريكيين المشاركين كخبراء ومستشارين في العملية رفعوا على أذرعهم شارة قوات الحماية الكردية ما استفز أنقرة بشدة واتهم وزير الخارجية التركي مولود تشاووش أوغلو واشنطن، بأنها تكيل بمكيالين وتتبع سياسة نفاق بحيث يمكن لها أن ترفع شارات التنظيمات الإرهابية، حيث يمكن أن تتواجد مثل شارات تنظيم داعش أو النصرة أو بوكو حرام في نيجيريا.من الواضح أن معركة الرقة تجري في اتجاهات مغايرة للمصالح التركية. فقوات الحماية الكردية تجاوزت نهر الفرات في اتجاه الغرب ما يكسر أحد الخطوط الحمر التي رفعتها تركيا. كما أنها تتقدم في اتجاه السيطرة على مدينة منبج ما يفتح الطريق أمام تضييق المسافة الجغرافية التي لا تزال فاصلة بين كانتون عفرين الكردي غربا وكانتون كوباني في الوسط وكسر خط أحمر تركي آخر في شمال سوريا.إزاء هذا الواقع ومع عدم تقدم المحادثات الأمريكية – التركية لردم الهوة إزاء العديد من القضايا تجد تركيا نفسها في موقع حرج وصعب وخيارات لا تحسد عليها.جاء تغيير الحكومة التركية وانتخاب رئيس جديد لحزب العدالة والتنمية هو بن علي يلديريم ليشكل مناسبة لتظهير سياسات خارجية جديدة. من أول هذه الإشارات أن البيان الوزاري لحكومة بن علي يلديريم الجديدة تضمن مصطلح السعي لتكثير أصدقاء تركيا وتقليل الأعداء وفق سياسة جديدة عنوانها"أصدقاء أكثر أعداء أقل".وهذا الشعار ليس بعيدا عن عنوان سياسة رئيس الحزب والحكومة السابق أحمد داود أوغلو حول "صفر مشكلات" مع الجوار، والتي انهارت ولم يبق منها سوى صفر علاقات.لكن ربما كان تغيير أحمد داود أوغلو مناسبة للمضي بسياسات جديدة تعيد تقوية موقع تركيا الإقليمي الذي أصابه اهتزاز كبير.من هذه الإشارات ما نقله كاتب تركي معروف عن نائب رئيس الحكومة التركية السابق والحالي نعمان قورتولمش من أن معارضة روسيا وإيران لتقسيم سوريا تشكل أساسا لعودة الالتقاء بين هذه الدول في مواجهة مشاريع أمريكا لتقسيم سوريا وأكبر إشاراته العملية لا اللفظية هو إعطاء الدور الأساسي لتحرير الرقة وغيرها لقوات الحماية الكردية التي تعتبرها تركيا منظمة إرهابية وشقيقة لحزب العمال الكردستاني. وصف قورتولمش التعاون بين تركيا وروسيا وإيران بأنه مثلث قوة.