10 سبتمبر 2025

تسجيل

الضريبة على البورصة ..بين المكاسب والخسائر

04 يونيو 2014

اشتد الجدل حول قرار فرض ضريبة على أرباح البورصة المصرية،لتوفير نحو 1.8 مليار دولار، فهل من الصواب فرض ضرائب على معاملات البورصة لمعالجة الخلل في الموارد ولزيادة ميزانية الدولة؟ أم الاستفادة من تشجيع البورصة ودعمها لجذب المزيد من التدفقات الاستثمارية الأجنبية ؟ ومدى تأثير ذلك على الاقتصاد في المدى البعيد، من خلال دراسات علمية تحدد حجم المكاسب والخسائر التي تلحق بالاقتصاد نتيجة للقرار أو التشريع، وهل هذا القرار يمثل البديل الوحيد الذي لا يمكن إلا تطبيقه،ٍ وأن العائد من هذه الضرائب سوف يوجه بكفاءة إلى الوجهة الصائبة اقتصاديا، مع أن الحكومة قد تستفيد من فرض ضريبة على البورصة في سد جزء من عجز الموازنة لكن الضرائب أساسا يجب ألا تكون وسيلة جباية لتمويل العجز وإنما هي أداة لتوجيه الاقتصاد، ولكن الغريب حقا أن يأتي الحديث عن ضرائب البورصة في الوقت الذي تبدي فيه الحكومة نيتها لتنشيط التعاملات وطرح الحكومة لجزء من شركاتها للاكتتاب العام،وهما أمران متناقضان ولا يستقيمان في إطار التعاملات في سوق المال الذي يتسم بالحساسية الشديدة والتأثر السريع من القرارات غير المدروسة جيدا، حتى ولو كانت التشريعات مجرد إشاعة أو تسريبها أو تم التراجع عنها فيما بعد، لأنه لا يمكن معالجة آثار هذه الآثار إلا بعد فترة زمنية تسمح بعودة الثقة في البورصة أوفي المسؤولين عن وضع السياسات المالية، في الوقت الذي تتضخم فيه المتأخرات الضريبية أو زيادة حالات التهرب الضريبي التي تبلغ %40 من الاقتصاد الكلي التي تقاعست أو فشلت الحكومة في تحصيلها من بعض كبار رجال الأعمال المتهربين،والتي تقترب من 15 مليار دولار، ولكن منطق الجباية – باعتباره أسهل الطرق لسد العجز المالي- يبرز دائما في ظل نقص البدائل عند البحث عن حلول للعجز الشديد في الموازنة العامة للدولة، حيث لا يجد المسؤولون بديلا عن فرض ضرائب على المستثمرين في البورصة رغم الآثار السلبية لمثل هذا البديل الذي يعتبره البعض أحد وسائل الإصلاحات الضريبية التي فشلت في الكثير من الدول التي فكرت أن تطبقه، فضلا عن أن الروتين والإجراءات الضريبية تفقد البورصة أهم ميزاتها ومنها سهولة انتقال رأس المال وسرعة التسييل أو الحصول على السيولة المالية في الوقت الذي يحدده المستثمر، وهذا من العوامل الطاردة للاستثمارات خاصة في الأسواق الناشئة التي تحتاج إلى طرح عوامل جذب غير تقليدية من الحوافز والإعفاءات،لأن المستثمر دائما في ظل القرارات العشوائية سيبحث عن الفرص البديلة خاصة إذا كانت نسبة الفوائد على الودائع مرتفعة، ولا يتحمل المستثمر مخاطر مثل البورصة، وهذا الوضع يمثل مناخا طاردا للاستثمار سواء المحلي أم الأجنبي، ربما لسنوات قادمة تفقد خلالها البورصة المصرية قدرتها التنافسية على اجتذاب الاستثمارات، وقد يدفع ذلك المستثمرين العرب والأجانب للهروب لأسواق أرخص لا تفرض ضرائب أو لديها نسبة ضرائب أقل، بالإضافة إلى أن ذلك قد يشجع المتعاملين في البورصة للدخول في أوعية استثمارية غير شرعية، بما يؤدي إلى تخفيض الادخار والاستثمار بالتبعية، وكذلك التوسع في الاستثمارات الأقل خطورة والأكثر أمانا والتي يمكن تصنيفها بسهولة وذلك بسحب الاستثمارات من سوق المال وتحويلها لودائع بنكية بحيث يصبح الاقتصاد أكثر حساسية للضغوط التضخمية وأقل فاعلية استثماريا وأقل قدرة تمويليا، بالإضافة إلى أن هذه الضريبة يشوبها عوار قانوني، لأن قانون الضريبة على الدخل- المطبق حاليا- يعفي الأرباح الناتجة عن التوزيعات منعا لشبهة الازدواج الضريبي، بما يفتح مجالات للطعن عليها وعلى آثارها، الأمر الذي يزيد من ارتباك المشهد الاقتصادي بل والسياسي أيضا، خاصة مع تحول السلطة إلى الرئيس الجديد السيسي الذي سيتحمل أعباء هذا القرار حتى إذا تم تعديله للحد من آثاره السلبية التي ترتفع حدتها مع مواجهة ارتفاع معدلات التضخم والبطالة وعجز الموازنة، ويصبح أمامنا الأمل على الأقل في البحث ولو عن نقطة توازن بين الإيرادات المستحقة من الضريبة وبين عائدات الاستثمار، حتى لا تتحول المكاسب التي تحققها البورصة إلى خسائر، سيكون المستثمر الصغير أول المتضررين منها ، ناهيك عن الأضرار والخسائر التي ستصيب الاقتصاد بشكل عام وينعكس أثرها على مستوى دخل الفرد.