13 سبتمبر 2025

تسجيل

الأولويات

04 يونيو 2014

ترتيب الأولويات في الحياة من أهم المسائل التي تعترضنا، وتقوم عليها تفاصيل أعمالنا اليومية، وهي السبب في كثير من المتاعب والأزمات التي تحدث نتيجة عدم تنسيقها جيدا، وتوزيعها من حيث الأهمية والضرورة العاجلة، يأتي ذلك السؤال لاهثاً بين مشاغلنا اليومية، وملحاً بطريقة مزعجة أحيانا، عن كيفية تنظيم هذه الأولويات واختيار المهم فالأهم منها.الغريب بالأمر أنك قد تجد بعض الناس مشغول جداً، ومع ذلك فأولوياته متناسقة ومتناغمة إلى أقصى الحدود، وكلما قام بأداء أحد واجباته كان وكأنه لا يملك غير ذلك الواجب، فيتقنه على أكمل وجه، وفي المقابل ترى بعض الناس، لا شغل لديهم ولكن أولوياته مبعثرة، وأموره غير منظمة، وهو مشغول بعدم انشغاله أكثر ممن لديه من أعمال.ولكن لا بد أن تدرك بأن الأمر الواجب أن تعلمه في المقام الأول لترتيب الأولويات، هو معرفة أن تنظيم حياتك كلها يعتمد على تنظيم ذاتك ابتداء.وأول الخطوات في معرفة الذات، أن تتقبل هذه الذات كما هي أولا ثم تسعى إلى تغييرها، لأنك إذا لم تتقبلها فلا يمكن أن تعرفها ولا يمكن أن تعدلها، وإن رفضتها سترى السلبيات فقط دون الإيجابيات مما يؤدي بك إلى اليأس من تغييرها نحو الأفضل.فلابد أن ترى كل شيء بمقاسه الطبيعي، بحيث ترى الميزة كما هي، وتعمل على السيئة بخطوات منهجية، وحتى الميزة فلابد أن تعمل عليها بخطوات منهجية كذلك، فالسيئة تتحول إلى ميزة وتصبح الميزة أكثر تألقا وروعة، فقد علمتني الحياة أن أجعل مشاعري مشاريع، وأن أحول عيوبي إلى مزايا وبهذه الطريقة الأساسية تقود ذاتك إلى بر الأمان.بعض الناس يضع تعارضا بين أشياء لا تتعارض في الأساس، أمي أو زوجتي، وهذا مثال سيء للغاية في ترتيب الأولويات، فحب الزوجة غير حب الأم؛ الزوجة لها حب متفرد وجميل، والأم لها حب بنكهة مختلفة تماما، وليس من الحكمة أن يقدّم أحدهما على الآخر، وإنما القضية بأن تعطي كل إنسان نوع الحب الذي يخصه، وأن أسابق بإعطائه حقه قبل أن يطلبه هو ويجبرني على القيام به بطريقة أقل تميزا.وحتى أقوم بترتيب الأولويات، لابد أن أضعها في متدرج حسب الأهمية، ثم أتجه إلى الوقاية في التعامل مع هذه الأولويات، فلو كان عندي زوجة حساسة يجب أن أراعي ذلك الأمر أكثر، وأبادرها دائما بما يسعدها، ولو كانت شكاكة أبتعد عن ما يثير شكها، أو إذا كانت انطوائية، وفي العادة الانطوائية تكون باردة المشاعر، ربما أخفف الاتصالات معها قليلا، وأنا لا أدعو لتقليل الاتصالات بالضرورة، وإنما أدعو إلى تقدير الأمور حسب حاجتها، فلربما لم تشعر ببر تلك الزوجة أو الأم، لأن البر يأتي بصورتها الانطوائية المقرونة ببرودة المشاعر، وأما لو كانت حساسة فيجب أن تعطيها عطاء مضاعفاً.إن الأمور الصغيرة والتفاصيل الدقيقة من أكثر الأشياء التي تساعد على ترتيب الإنسان حياته، لأن تأخرك نصف ساعة عن العمل مثلا قد يعطل أعمال الكثيرين، ويغير موعد رجوعك إلى المنزل، ويغير ويفرض نظاما مختلفا قد يؤدي إلى انزعاجك أو انزعاج من حولك، من هنا لابد أن يكون هناك خطة محددة وخطوات مدروسة لكل شخص حسب ظروفه وحسب تسلسل اهتماماته، الأمر الذي يؤدي إلى مزيد من الإنتاج والراحة.