17 سبتمبر 2025
تسجيليقول أحد الكتّاب: "وكنتُ أعجب من حال عمر بن الخطاب - رضي الله عنه — كيف يخشى النفاق على نفسه وهو الفاروق الذي بشّره النبي صلى الله عليه وسلم؟! ثم عرفت أن العبد كلما ازداد عبودية وافتقاراً إلى ربه ازداد ازدراء للنفس وخوفاً عليها وتعلق قلبه بربه سبحانه وتعالى". ونُكمل ويمضي بنا المسير، وما أجمله من مسير مع أوّليّات عمر رضي الله عنه، فمن أوّليّاته السياسية في السياسة المالية: أنه "أول من اتخذ بيت مال خاصاً لأموال المسلمين، وأول من ضرب الدراهم وقدر وزنها في الإسلام، وأول من دوّن الدواوين في الإسلام، وأول من فرض العطاء وفاضل فيه في الإسلام، وأوّل من فرض العطاء لكل مولود في الإسلام، وأول من جعل نفقة اللقيط في بيت المال، وأول من مسح الأراضي المفتوحة ووضع الخراج، وأول من أخذ عشور التجارة في الإسلام، وأول من أحصى أموال العمال عند توليهم وشاطرهم أموالهم بعد توليهم، وأول من حمل الطعام في البحر من مصر إلى الجزيرة العربية، وأول من اتخذ داراً للضيافة". ومن أروع وأحسن ما وقع عليه النظر ما قاله عمر رضي الله عنه "والله لازيدنّ ما زاد المال، ولأعدنّ لهم عداً، فإن أعياني كثرته لأحثون لهم حثواً بغير حساب هو مالهم يأخذونه" فكان رضي الله عنه شديد الاهتمام بالمال حتى مع نفسه وأهله وولده، فكانت الشفافية والنزاهة من اهتماماته وأولوياته ولا يحابي أحدا كائناً من كان في الحق سواءً من أصحاب المناصب ومن يوليهم من العمال والولاة، قاطعاً لبذور الفساد، كان همه الأول مصلحة المسلمين وحماية المجتمع والأمة. فكان يقول "إني أنزلت نفسي من مال الله منزلة مال اليتيم، إن استغنيت استعففت، وإن افتقرت أكلت بالمعروف". وإذا أراد أدعياء حقوق الإنسان في العالم المتحضر فليرجعوا وليقرأوا سيرته وحياته العملية المثمرة التي علمها له رسول الله صلى الله عليه وسلم، والحمد لله لقد أنصفه كتّابهم ومؤرخوهم. "ومضة" قال معاوية بن أبي سفيان رضي الله عنهما: "أما أبو بكر فلم يُرد الدنيا ولم تُرده، وأما عمر فأرادته الدنيا ولم يردها، وأما نحن فتمرغنا فيها ظهر البطن" كلمات ربانية نطق بها صحابي رباني جليل رضي الله عنه.