10 سبتمبر 2025

تسجيل

يوميات العربي الحزين في زمن كورونا

04 مايو 2020

في حين يبدو العالم مشغولاً بكيفية التعاطي مع تداعيات الأزمات المركّبة الناجمة عن فيروس "كورونا" المستجد (كوفيد-19)؛ لا يزال القوم في بلاد العرب يتصارعون ويتحاربون وكأن شيئاً لم يحدث. ولا يبدو البعض من مسؤولي العرب قد اتّعظ أو تعلّم، أو أظهر استعدادا للتعلم والاتعاظ والتفكّر فيما فعله -ولا يزال يفعله- هذا الفيروس بالعالم، حيث قلب الحياة رأساً على عقب. ففي بلد عربي يقوده شاب مغامر؛ تقوم قواته بقتل مواطن، لمجرد أنه رفض أن يترك أرضه ومنزله لصالح مشروع اقتصادي ضخم، يسعى هذا الشاب الأرعن لإقامته. وفي بلد آخر؛ يتم اعتقال واحتجاز مواطنين لمجرد أنهم رفعوا الأذان بأحد المساجد دون إذن من السلطات. وفي بلد عربي ثالث؛ لا تتوقف الطائرات عن قصف المدنيين ومؤسساتهم من مدارس ومستشفيات وأسواق... وهكذا. لا يعتبر الحكام والمسؤولون والسياسيون العرب من فاجعة كورونا، وما تفعله بالأفراد والأسواق والممتلكات شرقاً وغرباً، ويظن أغلبهم أنه في مأمن من الفيروس وتداعياته. أحدهم شارك في اجتماع قبل فترة مع كبار مسؤوليه، وبعد أن اكتشف إصابة بعضهم عزل نفسه مدة أسبوعين، ثم خرج على الناس منتشياً ومتوعداً، ومواصلاً كذبه وقمعه. بينما قامر آخر بثروات بلاده، ودخل في حروب اقتصادية مع قوى عظمى برعونة وحماقة توشك أن تبدّد ثروات بلاده، وذلك دون حسيب أو رقيب. في حين لا يزال ثالث غارقا في غيّه، يمارس هوايته المفضلة في تأجيج الصراعات وتمويلها، ودعم الطغاة وأمراء الحروب، وتزويدهم بالمال والسلاح، من أجل استمرار مسلسل الخراب في المنطقة. فالعربي "العادي" يبدأ يومه بالصراع والمناكفة والمكابدة، سواء مع ظروف المعيشة التي قد تدفعه مضطراً للخروج والعمل من أجل البقاء على قيد الحياة، أو مع بيروقراطية بلاده التي لا هدف لها سوى تأديبه وتركيعه تحت أقدام الدولة. خذ مثلاً ما يحدث في مصر؛ فرغم تقييد الحركة وفرض حظر التجول فإن مشاهد الازدحام لا تتوقف، سواء في المواصلات العامة والخاصة، أو في المصالح الحكومية، أو في الأسواق والمتاجر. وكأنه لا يوجد وباء عالمي ينتشر ويزداد بسبب التجمعات البشرية!! وهو ما يحدث أيضا في بلدان أخرى مثل لبنان والعراق والسودان والمغرب والجزائر. مسكين ذلك العربي الحزين الذي لا يملك من خيارات البقاء على قيد الحياة الكثير. وهو الآن في موقف لا يُحسد عليه؛ فإذا كانت كورونا أمامه كخطر محتمل، فإن الحروب والصراعات والقمع -ومعهما الخوف والجوع والفقر- تقف خلفه خطرا مؤكدا وموجودا فعلا. وهو مضطر لأن يختار بين كلا الخطريْن، طالما أن النهاية واحدة؛ أو هكذا يقول لسان حاله.