16 سبتمبر 2025
تسجيلgoogletag.display('div-gpt-ad-794208208682177705-3'); googletag.cmd.push(function() { googletag.display('div-gpt-ad-1462884583408-0'); }); تواجه قناة السويس التي يعوّل المصريون على إيراداتها من العملات الصعبة، الكثير من التحديات، وفي الوقت الذي صوّر الإعلام فيه مشروع تفريعة القناة بأنه المشروع الذي سيغير خارطة العالم وسيضاعف إيرادات القناة إلى نحو 13.3 مليار دولار في العام، إذا بعدد السفن المارة بالقناة يتناقص وإذا بإيراداتها تنخفض إلى أرقام غير مسبوقة. والسؤال الذي يطرح نفسه هو: ما التحديات التي تواجه قناة السويس وما مدى أثرها على الدور الذي تلعبه في العالم؟ لا شك أن التحديات التي تواجه القناة جمة، ومنها تحديات قائمة بالفعل ومنها تحديات محتملة، ويأتي في مقدمة التحديات القائمة: تباطؤ حركة التجارة العالمية نتيجة انكماش الاقتصاد الصيني والأوروبي، وقدر بعض الخبراء تراجع حركة التجارة العالمية بنسبة 25% عن عام 2014، كما أكد تقرير لصندوق النقد الدولي أن الاقتصاد العالمي لن يتعدى نموه في العام الجاري 2016 نحو 3%، وقالت وكالة موديز للتصنيف الائتماني أن مضاعفة إيرادات قناة السويس تعتمد على فرضية الانتعاش الحاد في التجارة العالمية ومضاعفة عدد السفن التي تعبر القناة إلى 97 يوميا مقابل أقل من 50 في الوقت الحالي، وهو أمر لا يبدو ممكنا في العامين القادمين، فقد تراجعت قيمة الواردات في 11 دولة من دول الاتحاد الأوروبي وأظهرت البيانات بلوغ معدل البطالة في دول الاتحاد الأوروبي 9.6%، كما تراجعت قيمة واردات بلد عملاق كالصين بعد انخفاض معدل النمو لديها في العام الماضي إلى أقل من 7%، ومن بين التحديات التي تواجه القناة قيام التكتلات الاقتصادية وارتفاع حجم التجارة البينية بين أعضائها، بما يعني أن التجارة لم تعد كما كانت من الشرق إلى الغرب وبالعكس، وتحول بعض الناقلات العملاقة إلى رأس الرجاء الصالح بالنظر إلى انخفاض أسعار الوقود وثبات رسوم القناة ومن التحديات، كذلك اعتماد دول أوروبية على غاز ونفط روسيا الاتحادية وتطوير العديد من الدول لوسائل الحصول على الطاقة البديلة واكتفاء الولايات المتحدة من حاجاتها النفطية بعد زيادة إنتاجها من النفط الصخري وتطور تقنيات إنتاجه والتوسع في زيادة المصانع المنتجة للسيارات اليابانية في أوروبا والولايات المتحدة وهو ما قلل من حجم صادرات السيارات إلى أوروبا بالإضافة إلى استخدام الصين لخط سكك حديد شونكينغ دويسبورغ، وهو خط بطول 11 ألف كم وأسرع بمرتين من النقل البحري وأرخص بمرتين من النقل الجوي. أما التحديات المحتملة فيأتي في مقدمتها توسيع قناة بنما لتستوعب الناقلات العملاقة، والمتوقع الانتهاء منه في نهاية هذا العام 2016، ومعلوم أن قناة بنما تربط بين المحيطين الهادي والأطلنطي وتعد ممرًّا أساسيًّا للمبادلات التجارية بين أوروبا وأمريكا اللاتينية وآسي،ا ويتوقع أن تتأثر قناة السويس سلبا في خطوط ثلاثة وهي خط نيويورك –هونج كونج، ونيويورك- شنجهاي، ونيويورك- ملبورن، إذ إنها توفر طرقا أسرع من التي توفرها قناة السويس ومن التحديات المحتملة طريق الحرير البحري والبري الذي أعلن عنه الرئيس الصيني في مؤتمر دولي 2014، وهو طريق سيمتد برا وبحرا من وسط الصين إلى آسيا الوسطى ثم إلى أوروبا عبر البوسفور عابرا دول كثيرة. وربما كان الممر الشمالي الغربي المار عبر القطب الشمالي هو الأكثر إلحاقا للضرر بقناة السويس، فيما لو استمر ذوبان الثلوج، وخاصة بعد أن طالبت صحيفة الصين الرسمية يوم 20/4/2016، شركات الملاحة باستخدامه نظرا لأنه يوفر مسافة كبيرة بين دول أوروبا والصين لأنه يقلص المسافة بين يوكوهاما في اليابان وبين روتردام في هولندا بمقدار حوالي 4450 ميلا، ووفقا للتوقعات الحالية فإن 18000 سفينة من المتوقع أن تستخدم هذا الطريق في المستقبل، وهو تقريبا الرقم نفسه الذي يمر سنويا عبر قناة السويس، وقد اعتبرت وسائل الإعلام الغربية هذا الممر نذير شؤم لقناة السويس سيقلل من قيمة مصر الإستراتيجية، بينما يعزز من القيمة الإستراتيجية لروسيا التي تسيطر على شرق هذا الممر. ومن المشاريع التي تشكل خطرا على قناة السويس ذلك المشروع الذي دشنه بنيامين نتنياهو في سنة 2014 ويتضمن بناء ثلاثة موانئ في كل من أشدود وحيفا وتل أبيب وربطها بخط سكك حديد يصلها بميناء إيلات لنقل الركاب والبضائع ليكون بديلا ومنافسا قويا لقناة السويس المصرية. ويشكل الإرهاب الذي يضرب سيناء والصومال وباب المندب تهديدا محتملا إذا لم يستأصل وربما أرغمت هذه التحديات المسؤولين على خفض رسوم عبور القناة، وهو ما سيؤثر بشكل سلبي في حياة المصريين الذين أنفقوا 8.5 مليار دولار على تفريعة القناة. ولكن مع كل هذه التحديات القائمة والمحتملة فإن لقناة السويس دورا تلعبه لما تنفرد به من مزايا ليس لها نظير، وربما قللت هذه الطرق البديلة والمشاريع المحتملة -في المنظور القريب وربما البعيد أيضا- من عائدات القناة وأهميتها، ولكنها لن تستطيع بأي حال من الأحوال إنهاء دورها في الربط بين الشرق والغرب.