18 سبتمبر 2025

تسجيل

صوت القلم.. من القاهرة

04 مايو 2011

ثمانية وعشرون عاما وأنا أتمزق شوقا لرؤية القاهرة ليس لأنها "أم الدنيا" كما يقولون ..وليس لأنها "قاهرة المعز" وليس لأنها "الحضارة والأصالة" وليس لأنها "بلد الأهرامات" أو "هبة النيل"، ولكن لأنها "القيادة والريادة" فالقاهرة عاصمة مصر الخالدة.. ومصر الخالدة هي عز وفخر العرب جميعا من المحيط إلى الخليج ومنها انطلقت ثورة 23 يوليو المجيدة ومنها برز قائد الأمة العربية الراحل جمال عبد الناصر ومنها نهض الفكر القومي العربي ومنها وبها خضنا أربع حروب مع العدو الصهيوني ومنها سقط آلاف الشهداء دفاعا عن كرامة وحرية الأمة العربية ومنها تم تلقين العدو الصهيوني درسا لن ينساه في انتصار أكتوبر عام 1973 بعد أن رفض شعب العظيم نكسة عام 1967 وطالب القائد عبد الناصر بالبقاء في قيادة المسيرة حتى تحقيق هذا النصر الخالد، بعد أن أعلن هذا القائد تنحيه عن الحكم بعد تلك النكسة المريرة،لكن شعب مصر العظيم جدد الولاء والعهد لقيادته الحكيمة ورفض تلك الاستقالة واستجاب عبد الناصر لإرادة هذا الشعب وبنى القوات المصري من جديد وخاض حرب الاستنزاف ثم حرر جيشه المقدام ارض سيناء وحرر الإرادة والكرامة المصرية. لكن يد القدر امتدت إلى قائد هذه الأمة وانتقل إلى رحمة الله تعالى قبل أن يرى كيف تمكن الجيش الذي بناه من جديد والشعب الذي بايعه من جديد من تحقيق النصر والحفاظ عليه لأن النصر العسكري سرعان ما تحول إلى هزيمة سياسية عندما وقع الرئيس الراحل أنور السادات معاهدة كامب-ديفيد المشؤومة مع العدو الصهيوني .هذه المعاهدة التي سرقت من مصر بل خطفت وانتزعت من مصر دورها القيادي والريادي عندما غابت عن أمتها العربية وغابت أمتها العربية عنها وأصبحت مصر دولة كبقية الدول العربية التي لا تملك دورا ولا قيادة لتضاف إلى بقية الدول العاجزة عن أداء أي دور وطني أو قومي .وبغياب مصر عن القيادة والريادة للوطن العربي كشر العدو الصهيوني عن أنيابه وبدا بالعدوان على الامة العربية .ولعل عدوانه وحربه على لبنان ووصوله إلى العاصمة بيروت كان دليلا على ذلك عام 1982 انتهاء بتوقيع معاهدة أوسلو مع السلطة الفلسطينية التي اعترفت بموجبها السلطة بالكيان الصهيوني. وهذا الاعتراف كان خطا احمر عندما كانت مصر القيادة والريادة ولعل ما قاله قائد مصر القيادة والريادة آنذاك القائد الراحل عبد الناصر للشهيد ياسر عرفات وأعضاء منظمة التحرير الفلسطينية يؤكد أن مصر القيادة والريادة ترفض أن يفرط الشعب الفلسطيني بأي ذرة تراب من فلسطين عندما قال عبد الناصر للراحل عرفات "نحن قبلنا بقرار 242 لظروف واعتبارات دولية ..اما انتم فمن حقكم أن ترفضوه ..بل يجب أن ترفضوه لأن مطالب الشعب الفلسطيني تتعدى حدود هذا القرار".. ولكن بعد غياب القيادة والريادة وبعد رحيل القائد لم ترفض هذا القرار منظمة التحرير التى اختطفتها جماعة أوسلو وقبلوا بالقرار بل قبلوا بالاستسلام .وهذا الاستسلام ليس فقط لغياب دور مصر القيادي والريادي وإنما لأن مصر في نظام الرئيس المخلوع حسنى مبارك لعبت دورا مساندا وداعما للعدو الصهيوني وساهمت في استسلام السلطة للعدو الصهيوني. وكلنا يعلم كيف كان ذلك النظام يحاصر قطاع غزة وكيف كان يتعاون مع العدو في عدوانه وإرهابه على الأمة العربية وتحول دور مصر من القيادة والريادة للأمة العربية إلى دور متآمر على هذه الأمة ولا أريد هنا أن أخوض في عملية غزو واحتلال العراق ودور نظام الرئيس المخلوع مبارك لأن هذا يحتاج إلى مقال آخر،وإنما أقول أن غياب دور القيادة والريادة لمصر هو الذي ساهم وساعد على كل هذه المآسي واللام والجراح والاحتلال والتهويد والظلم والقهر للأمة العربية. وعندما كنا نطالب بعودة مصر إلى دورها القيادي والريادي كانت وسائل الإعلام المصرية التابعه للنظام المقبور تشن علينا أشرس الحملات وتصفنا بالعداء لمصر ولشعبها وتطلق علينا أوصافا يندى لها جبين الإنسانية بل أن رئيس تحرير الجمهورية في عهد الرئيس المخلوع مبارك شن ضدى حملة شعواء وبث سمومه الحاقدة ضد دولة قطر وهذا ما أشرت إليه في مقالات سابقة.. اليوم انتقم لي شباب مصر وانتقموا لكل أحرار وشرفاء الأمة العربية عندما ثاروا بثورتهم المباركة التي أطاحت بالنظام السابق وأطاحوا بأبواقه الإعلامية وحققوا ما كنا نطالب به وننادى به في عودة مصر إلى دورها القيادي والريادي. اليوم تمكن شباب مصر في ثورتهم العظيمة من توجيه الدعوة لي إلى بيتي ووطني ورئتي التي أتنفس منها وقلبي الذي يدق بحب مصر القيادة والريادة لازور القاهرة بعد غياب ثمانية وعشرين عاما وها أنا اكتب مقالي من مصر التي غنت كثيرا بها العرب وضحت كثيرا عن العرب وصوتها كان يقول دائما "صوت العرب من القاهرة" وأنا اليوم اكتب من عاصمتها.. وأقول صوت القلم.. من القاهرة..