11 سبتمبر 2025

تسجيل

ميسي، الهيدوس، والبشت القطري.. فأل الخير لكرة القدم القطرية

04 أبريل 2024

احتفظت قطر بلقب كأس آسيا لكرة القدم بفوزها 3-1على الأردن بفضل 3 ركلات جزاء- نفذها بنجاح- أكرم عفيف (هداف البطولة). وتوجت قطر باللقب القاري للمرة الثانية على التوالي بعد فوزها بالنسخة الماضية 2019 التي أقيمت في الإمارات عندما تغلبت بالنتيجة ذاتها على اليابان في المباراة النهائية بأبوظبي.. خلال مراسم تسليم لقب النسخة الـ18 من كأس آسيا لكرة القدم لمنتخب قطر، وضع سمو الأمير المفدى الشيخ تميم بن حمد آل ثاني "البشت" العربي التقليدي على أكتاف الكابتن حسن الهيدوس. وجاء ارتداء الهيدوس للبشت العربي ورفع اللقب القاري في مشهد لا يزال محفورا في ذاكرة الجماهير العربية والعالمية عندما ارتدى النجم الأرجنتيني ليونيل ميسي البشت في كأس العالم قطر 2022. يبدو أن البشت القطري فأل خير لكرة القدم القطرية... فبعد أن فازت قطر بكأس العالم من حيث التنظيم المتفرد وغير المسبوق لكأس العالم، فازت قطر هذه المرة بكأس آسيا تنظيما ونتيجة.. وتبقى نسخة كأس العالم محفورة في ذاكرة تاريخ كرة القدم العربية والعالمية.. نعم نسخة استثنائية أبدعت الدوحة في تنظيمها وتفوقت على نفسها، نعم فازت الأرجنتين بكأس العالم، لكن قطر فازت بإعجاب سكان المعمورة، نعم وطأت أرض قطر، فخر الأمة العربية والإسلامية، قدم مليون ونصف المليون مشجع، توافدوا عليها من كافة أنحاء العالم، من المحيط إلى الخليج، من دون استئذان، من دون تأشيرة ومن غير وجل، فتحت قطر أرضها الطاهرة، في سابقة تاريخية، حيث تجاوزت مبيعات التذاكر حاجز الثلاثة ملايين تذكرة، لقد أخرست قطر تلك الألسنة والحملات المغرضة التي ظلت تروج لعدم قدرة قطر في استضافة هذا الحدث العالمي. وقد جعلت المناسبة دولة قطر تسابق الزمن وعقارب الساعة، حيث تمكنت من هذه البنية التحتية المهَولة وهذه التحف المعمارية المبهرة من الملاعب، قبل نهاية مدى الرؤية بثماني سنوات، فكانت هناك شبكة مترو الانفاق والطرق المسفلتة والجسور الطائرة والمعلقة والفنادق الفخمة، كما أحدثت التوسعة في موانيها ومطارها الدولي، فضلا عن تهيئة ملاعب الأندية القطرية وجامعة قطر لتدريبات كافة الأندية العالمية.. بل حولت قطر منطقة لوسيل وما حولها من صحراء جرداء إلى واحات وارفة، هيأت ساحات وباحات للتسوق والسياحة الرياضية.. و قد كان البيت، بيت الشعر، بفتح الشين والعين، هذا الاستاد الفخيم، رمزا لتاريخ وتراث وموروث العرب من القيم وحسن الوفادة والكرم الباذخ. فدوحة الخير، أتاحت للمشجعين من مختلف البلدان، في بادرة غير مسبوقة، وغير ملحوقة التنقل عبر كل الوسائل، واستنفرت جيشها الأبيض لإسعاف وعلاج المرضى، كل هذه الخدمات من دون مقابل!! وحققت نسخة قطر عوائد فاقت كل التصورات، في سبيل إحياء قضية فلسطين، بعد مواتها في الغرب حيث رفرف علمها في سماوات قطر، حتى يخال للمرء مشاركة دولة فلسطين، وحيث رأينا المشجع الإنجليزي يهتف أمام محاوره الإعلامي الإسرائيلي "تحيا فلسطين"، وفي سبيل طرد المثليين وتحريم الخمر في الباحات وداخل الاستادات، في سبيل هذا الترويج للتراث والتاريخ والقيم العربية الفاضلة والاريحية النبيلة للإنسان العربي لكفاها ذلك. نعم كانت نسخة قطر الأولى في كل شيء، ليس فقط من حيث الكرم، والمشاركة والمشاهدة والدخل، ولكن من حيث السابقة التاريخية لمنافسات كأس العالم، فلأول مرة يستطيع المشجع أن يحضر أربع مباريات في يوم واحد، مستفيدا من هذه الطفرة الكبرى في وسائل النقل المجاني. سوف يرى العالم ولمائة عام على الاقل صورة ميسي وهو يحمل كأس العالم مرتديا وموشحا بالبشت العربي القطري.. هنا الغضب الغربي من ايقونية الصورة وايقونية المشهد.. واذا فتحت أي صحيفة إنجليزية أو أي كتاب رياضي انجليزي وبحثت عن الصور العشر خلال تاريخ بريطانيا تجد صورة بوبي مور كابتن منتخب إنجلترا يحمل كأس العالم عام ١٩٦٦ أمام الملكه اليزابيث.. هذه الصورة لميسي بالبيشت القطري في غاية الأهمية وقد كان في قمة السعادة والرضا مما جعل الغربيين يشطاطون غضبا وهم يرونه موقفا غير لائق.. ذاكرتهم السمكية.. نسوا عندما فاز الإسبان بكأس العالم ٢٠١٠ نزعوا قمصان بلادهم ولبسوا قميص صديق لهم توفي حديثا.. بعيدا عن الزخم الرياضي والتنظيم الممتاز، فقد ركزت قطر على الهوية والتقاليد العربية والترابط الأسري في مقابل التفكك الأسري والانحلال في الغرب... وقد شاهد العالم لاعبي المغرب عقب كل مباراة تقبيل رؤوس أمهاتهم في المدرجات، نعم، تلك هي رمزية البيت المضياف والبيشت العربي القطري، وشهدنا أسطورة ثانية بجانب أسطورة البرغوث، الذي طال انتظار دولته ٣٦ عاما كما جاب ميسي الملعب المستطيل لعشرين عاما وخمس منافسات سابقة، يراوده حلم ملامسة الكأس الذهبية، فكان المسك ختام مشواره الكروي، تفوق حتى على الأسطورة الخالدة مارادونا، ولكن عزاءه أنه أوفى حتى لمواطنيه الذين ظلوا يلوحون بصورة الراحل طيلة أيام المنافسة. بعد ثلاثين يوما من التشوق والامتاع حققت الأرجنتين حلما ظل يراودها لمدة ستة وثلاثين عاما وقد تحقق حلم آخر لقطر، لدولة راهنت على ان تتفوق على نفسها حين وعدت فأوفت لتنظيم بطولة مميزة لها وللعرب، فكان لقطر ما أرادت من الإبهار والإدهاش والإبداع، كل ذلك على غير قياس لسابق لها في التنظيم.. وشهد العالم أجمع أن تنظيم قطر ٢٠٢٢ قد احتل موقعا فريدا في كتاب بطولات كأس العالم.. كانت أيام المونديال اياما للسلام ومعرفة كيف يمكن للمدن ان تعيش دون أن يكدر صفو سكينة ليلها صوت رصاص. ولعل من أعظم مخرجات البطولة ذلك الإنجاز غير المسبوق عربياً أو إفريقياً، منتخب المغرب، الذي صنع التاريخ وشرف العرب والأفارقة وحجز مكانته بين الكبار في عالم كرة القدم.. وستبقى نسخة دوحة الخير منقوشة في الذاكرة من حيث التميز في الإعداد الجيد للبنية التحتية والتنظيم الذي تفوقت فيه قطر على نفسها ووضعت كل المنظمين لاحقا للبطولة أمام تحديات جسام.. فهل ستكون أقوى وأغنى دولة في العالم، الولايات المتحدة الأمريكية، عام 2026 قدر هذه التحديات؟؟