13 سبتمبر 2025
تسجيلعندما نرى بطش السيسي وأعوانه ونتصور أن هذه هي نهاية الثورة نتذكر قول الله تعالى: " إِنَّ بَطْشَ رَبِّكَ لَشَدِيدٌ * إِنَّهُ هُوَ يُبْدِئُ وَيُعِيدُ" (البروج:12-13) فيعود لنا الأمل في "وَأُخْرَىٰ تُحِبُّونَهَا ۖ نَصْرٌ مِنَ اللَّهِ وَفَتْحٌ قَرِيبٌ ۗ وَبَشِّرِ الْمُؤْمِنِينَ" (الصف:13)، وعندما تنتشر أخبار القتل للرجال والنساء والولدان والشيب والشباب على يد الجيش والشرطة والبلطجية فتتعمق الآلام ، وتزداد مشاعر الغيظ والخوف على أحبابنا ونعود من هذه المناظر البشعة إلى الورد القرآني ، ونجد أن أكثر قصة ترددت في القرآن هي قصة فرعون مصر الذي طغى عقديا فقال: " فَقَالَ أَنَا رَبُّكُمُ الْأَعْلَىٰ * فَأَخَذَهُ اللَّهُ نَكَالَ الْآخِرَةِ وَالْأُولَىٰ" (النازعات: 24-25)، وقال: "مَا عَلِمْتُ لَكُمْ مِنْ إِلَٰهٍ غَيْرِي" (القصص: من الآية38)، وطغى فرعون مصر سياسيا فأهدر حرية التعبير والتغيير فقال: " يَا قَوْمِ لَكُمُ الْمُلْكُ الْيَوْمَ ظَاهِرِينَ فِي الْأَرْضِ فَمَنْ يَنْصُرُنَا مِنْ بَأْسِ اللَّهِ إِنْ جَاءَنَا ۚ قَالَ فِرْعَوْنُ مَا أُرِيكُمْ إِلَّا مَا أَرَىٰ وَمَا أَهْدِيكُمْ إِلَّا سَبِيلَ الرَّشَادِ" (غافر:29)، وطغى فرعون مصر على حق الشعب في الحياة فقرر ذبح كل مولود ذكر خشية أن يأتي منهم ثائر بالحق ليزيح الاستبداد والفساد، فقال تعالى: " وَإِذْ نَجَّيْنَاكُمْ مِنْ آلِ فِرْعَوْنَ يَسُومُونَكُمْ سُوءَ الْعَذَابِ يُذَبِّحُونَ أَبْنَاءَكُمْ وَيَسْتَحْيُونَ نِسَاءَكُمْ ۚ وَفِي ذَٰلِكُمْ بَلَاءٌ مِنْ رَبِّكُمْ عَظِيمٌ" (البقرة:49)، لكن الذي يجب أن نوقن به أن دماء هؤلاء لن تذهب هدرا في الدنيا ولا في الآخرة حيث يأبى عدل الله تعالى إلا أن ينتقم من كل ظالم كما جاء في قوله تعالى : " وَأُمْلِي لَهُمْ ۚ إِنَّ كَيْدِي مَتِينٌ" (الأعراف:183) كما روى مسلم بسنده عن أبي موسى الأشعري أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (إن الله عز وجل يملي للظالم فإذا أخذه لم يفلته، ثم قرأ : وكذلك أخذ ربك إذا أخذ القرى وهي ظالمة إن أخذه أليم شديد)، وروى البخاري بسنده عن عبد الله بن عباس أن النبي بعث معاذا إلى اليمن ، فقال: (اتق دعوة المظلوم ، فإنها ليس بينها وبين الله حجاب)، فإن الله يقول: وعزتي وجلالي لأنتصرن لك ولو بعد حين"، وقد أرانا الله كيف قصم ظهر فرعون مصر بعدما طغى وتجبر وتسلط وقتل وتأله وتوعد فقال لشعبه: "قَالَ آمَنْتُمْ لَهُ قَبْلَ أَنْ آذَنَ لَكُمْ ۖ إِنَّهُ لَكَبِيرُكُمُ الَّذِي عَلَّمَكُمُ السِّحْرَ ۖ فَلَأُقَطِّعَنَّ أَيْدِيَكُمْ وَأَرْجُلَكُمْ مِنْ خِلَافٍ وَلَأُصَلِّبَنَّكُمْ فِي جُذُوعِ النَّخْلِ وَلَتَعْلَمُنَّ أَيُّنَا أَشَدُّ عَذَابًا وَأَبْقَىٰ" (طه:71) فرد عليه المؤمنون الجدد - وهو ما نرجوه من شعبنا وشبابنا وبناتنا- كما قال تعالى: "قَالُوا لَنْ نُؤْثِرَكَ عَلَىٰ مَا جَاءَنَا مِنَ الْبَيِّنَاتِ وَالَّذِي فَطَرَنَا ۖ فَاقْضِ مَا أَنْتَ قَاضٍ ۖ إِنَّمَا تَقْضِي هَٰذِهِ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا" (طه:72) وكانت خاتمته توسُّلٌ أن ينجيه الله من الغرق وتنازلٌ عن كبريائه فقال: "آمَنْتُ أَنَّهُ لَا إِلَٰهَ إِلَّا الَّذِي آمَنَتْ بِهِ بَنُو إِسْرَائِيلَ" (يونس:من الآية90) بمعنى أنه يقول: أنا مثل أي رجل من بني إسرائيل، فقط أريد أن أنجو من الموت، فقال له الله ليعتبر أمثال السيسي وأعوانه وأشباهه من فراعنة الأمة والعالم : "فَالْيَوْمَ نُنَجِّيكَ بِبَدَنِكَ لِتَكُونَ لِمَنْ خَلْفَكَ آيَةً"(يونس:92) وغدا ترون فرعون مصر مضرجا في دمائه يتوسل قاتليه كما فعل القذافي، وسيُقتل لتجري عليه سنة الله (من قتل يقتل ولو بعد حين). كل ما أرجوه أن نتذكر أن صراع الشعوب المطحونة مع الفراعنة تدار من فوق سبع سموات، وليس بحساب موازين القوة الأرضية وفي النهاية تسقط الفراعنة وتذهب إلى الجحيم، ويتنفس الشعب الصعداء مرددا قوله تعالى: "فَقُطِعَ دَابِرُ الْقَوْمِ الَّذِينَ ظَلَمُوا ۚ وَالْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ" (الأنعام:45). غدا تُلحق يا "سيسي" بقائمة الفراعين وتذهب إلى الجحيم ويحيا الشعب المصري بعدك عزيزا أبيا وتُكتب ملحمته في العالمين، ويكونون في أعلى عليين.