13 سبتمبر 2025

تسجيل

التعامل مع الآخرين (2)

04 مارس 2020

حين أتذكر كلمة الخير ينتابني إحساس جميل وأستخلص أن الجميع نائم بخير، أم إنه آمن ويشعر بالدفء الآن. وحين تمضي بنا الحياة ونصادف شخصيات أخرى لا تشبهنا قد تكون تعرضت لعوامل صقلت شخصيتها في فترات سابقة، وجعلت منها شخصيات ليست مثلنا، ولا تتصرف مثلنا وقد نستغرب منها تصرفاتها، وكأنها تتصرف بلغة أخرى نجهلها، ونعتبر هذه الشخصيات نوعا آخر من البشر، وقد يثير ذلك تساؤلات لدينا عن سبب قيامهم بتلك التصرفات. حين نرى شخصيات تكذب نرى تصرفهم مجحفاً بحقنا منذ البداية، ونتصرف بحسب ما تعلمناه نحن، لكننا لا نستطيع أن نتجاوز سلوكهم الكاذب، ونكره تصرفاتهم في قرارة أنفسنا، وحين نرى أشخاصاً تسرق أو تبتز الآخرين، أو تنتابهم نوبات غضب قوية لا يستحقها الموقف، يملؤون حيز الصمت ضجيجاً، قد نعتبرهم شخصيات أخرى غيرنا قد نتمنى لهم الحياة الأفضل، حياة الخير التي رأيناها سابقا في ماضٍ عشناه، نتمنى لو أنهم قد تربوا بنفس تربيتنا، أو أنهم عاشوا بجوارنا في طفولتنا، وجلسوا بجوارنا في مقاعد الدراسة، ليتعلموا ما تعلمناه أو حتى استطعنا إدراكهم في وقت أبكر، ونصحناهم بطريقة تفيدهم وتنفعهم، كثير من هؤلاء حتى وإن كان قريباً الآن في أي موقف منا، هو بالتأكيد لا يشبهنا مما يجعلنا نبحث عن أشباهنا لنحكي لهم الموقف الذي صدر ولم يعجبنا، لنستفيض من ثقتنا بهم شعور استنكار لتصرف لم يعجبنا أو لم تألفه مشاعرنا. وكلما تعرفنا في الحياة وأجبرنا على التعامل مع مثل هذه الشخصيات التي لا تشبهنا، وتكررت التصرفات التي نستنكرها، نفقد جزءاً من الإحساس بالسكينة، ونكون مع التكرار قد ارتأينا جمال الكون في حال كانوا أشباهاً لنا في تصرفاتهم، حبذا لو كانوا مختلفين، أو بعيدين عنا مثلا في مكان آخر، مع يقيننا التام بأنهم سيستمرون بما يعملون من تصرفات تتسم بالضجة تجاه مشاعر الآخرين، سواء كان تصرفهم الصادر كذباً أو غضباً أو تهجماً، ولكن تجاه أناس آخرين غيرنا، وقد يكون هؤلاء الناس هم الناس الذين تتسم نفوسهم بالطيبة، ونتمنى أن نراهم بخير دائما، ونسمع عنهم كل خير، وأن نلقاهم مرة أخرى وهم بخير، فقد نشروا البسمة يوماً في مكان كنا فيه، وبالطبع سينشرونها في مكان آخر. على عكس أولئك الذين قد يقترفون أخطاء تشوه صورتهم الجميلة أمامنا، وأمام الآخرين وقد يجعلون الآخرين بالفعل يتمنون وجودهم بعيدا تماما كما نشعر نحن، فليست للطيبة حدود في إدراكنا اللامتناهي لها، ولكن أقله كف الأذى وتمني الخير للغير. بالعودة إلى أولئك الذين يكذبون وينتهكون حرمات الآخرين ويسرقون أموالا، وأجساداً، وحياة الآخرين رغما عنهم، قد يكونون أفراداً، أو جماعات وما ينطبق على الفرد ينطبق على الدول والدويلات، هؤلاء فقط من تتعلم منهم حسن الأدب في التعامل، وحسن التصرف مع الآخرين، وذلك باختصار لأنك حين تراهم كذلك فإنك ستكره أن تتصرف مثلهم ما حييت. [email protected]