15 سبتمبر 2025
تسجيلالحرب الإسلامية حرب حماية ووقاية، وحرب فضيلة وتعمير، فالشريعة السمحاء لم تتخذ من الحرب وسيلة للقهر والإبادة وإنما إباحتها عند الضرورة علاج لمرض لم تجد معه توجيها وإرشادا، فكان لا مفر من مواجهة الباطل بقوة الحق، ليدفع الحق الباطل، وتظل كلمة الله هي العليا. وما دامت الحرب في الإسلام حرب حماية للإنسان وغيره من الكائنات التي سخرت له، فإن البيئة تعد المجال المكاني الذي يعيش فيه الإنسان بما يضم من مخالفات طبيعية وبشرية يتأثر بها ويؤثر فيها. ووفق هذا المفهوم للبيئة يتبين أنها تتكون من ثلاثة محيطات متداخلة متفاعلة متبادلة التأثير والتأثر وهي: 1- المحيط الحيوي: وهو بيئة الحياة الفطرية أو الموارد التي أتاحها الله للإنسان مثل الهواء والماء والتربة والمعادن... إلخ. 2- المحيط المصنوع: ويتكون مما شيده الإنسان في البيئة مثل المراكز الصناعية والتجارية وطرق المواصلات... إلخ. 3- النظام الذي تدير في حدوده المجتمعات الإنسانية شؤونها الاجتماعية والاقتصادية مثل الأعراف والعادات الاجتماعية. والحرب وإن كانت سفكاً للدماء وتدميرا في بعض الأحيان لوسائل الحياة فإنها في الإسلام مفيدة وبمثل تقف عليها بأن تكون سلاحاً للتعمير ووسيلة لإنقاذ الحياة الإنسانية من الذين يسعون في الأرض ليفسدوا فيها ويهلكوا الحرث والنسل ويمكن استنباط ما يلي حول حماية الشريعة للبيئة زمن الحرب. أ – إن تضييق دائرة المعارك الحربية وقصرها على الأهداف العسكرية يحولان دون أن تتعرض البيئة بعناصرها المختلفة للتدمير وكذلك البيئة المشيدة كالمصانع والمزارع والحيوانات وما إلى ذلك. ب – ونتيجة لتضييق دائرة المعارك ومقاتلة المحاربين دون سواهم والأخذ بمنطق الرحمة والرأفة وجنوح العدو إلى السلم وعدم اللجوء إلى القتل، ومراعاة حرمة الميت ودفنه وبذلك تحمي الشريعة البيئة من التلوث. وعلاوة على أمر تضييق المعارك.. فإن هناك توجيهات أو نصائح تحض على حراسة البيئة وعدم التعدي عليها. ومن أهم هذه التوجيهات ما جاء في وصية أبي بكر لأسامة بن زيد قال له أبوبكر: "لا تخونوا ولا تغلوا ولا تغدروا.. ولا تقتلوا طفلا صغيرا أو شيخا كبيرا ولا امرأة ولا تقطعوا نخلا ولا تحرقوه ولا تقطعوا شجرة مثمرة ولا تذبحوا شاة ولا بقرة ولا بعيرا إلا لمأكله...". هذه الوصية تعد دستورا في آداب الجهاد في الإسلام، إلا أن بعض الفقهاء قد ذهبوا إلى أنه يصبح هدم البناء وقطع الأشجار مباحا واحتجوا في ذلك بما يلي: 1- قوله تعالى: "ما قطعتم من لينة أو تركتموها قائمة على أصولها فبإذن الله" فهذا يسوغ قطع النخلة على سبيل الجواز. 2- إن المؤمنين خربوا بأمر النبي صلى الله عليه وسلم بيوت بني النضير وذكر القرآن فيهم أنهم يخربون بيوتهم بأيديهم وأيدي المؤمنين. 3- إن النبي صلى الله عليه وسلم - فيما يروى - أمر بتحريق قصر مالك بن عوف وأمر برمي حصن ثقيف بالمنجنيق. 4- إن النبي صلى الله عليه وسلم أمر بقطع كروم ثقيف. قال صاحبي: إن المغرضين يتربصون بنا وخصوصا في هذه الأيام التي يسيئون فيها إلى رسولنا بالسب فلما يقرأون هذه الشبهات سينالون منا كمسلمين. قلت: الرد على هذه الشبهات تحت أيدينا أما بيوت بني النضير فيجب أن تخرب لأنهم اعتصموا بها وانزلوا الأذى بالمسلمين فكان لابد من زوال اذاهم بتخريبها ولأن ثقيف اعتصموا بحصونهم كان لابد انزالهم منها وقد كانوا قوما غلاظا أشداء بهم قسوة. أما قطع كروم الطائف فلأن أهل الطائف كانوا يتخذون منها الخمر.